قبل تلك الواقعة بشهور كنت قد قرأت كتاباً رائعاً عن التفكير الإبداعي وحل المشكلات وكانت إحدى "العاب" التفكير الإبداعي التي تحدث عنها الكاتب تسمى "وجوه كاذبة"، وينبغي لك في لعبة "وجوه كاذبة" أن تفكر في عكس ما تفكر فيه الآن، ثم ترى الأفكار الإبداعية التي تتولد لديك نتيجة لذلك ... مثال بسيط: بدلاً من بناء ناطحة سحاب، ماذا لو قمت ببناء بناية عميقة في باطن الأرض؟ . كنت أواجه مشكلةً يجب عليً أن أحلها، وبرزت هذه الطريقة إلي رأسي؛ لذا فكرت في فكرة تكون عكس التمرين لمدة ثلاثين دقيق، وهي أن أتناول الآيس كريم وأشاهد التليفزيون، ثم فكرت في تلك اللحظة أن الثلاثين دقيقة الكاملة تبدو تماماً مثل هذا التحدي الضخم (أعني صعود جبل إيفرست)؛ لذا فكرت في فكرة مضادات أخرى وهي حجم التمرين نفسه. ماذا لو قمت بضغطة واحدة بدلاً من بذل الجهد لمدة ثلاثين دقيقة؟ لن أكون مضطراً إلي القيام بالمزيد، عليً أن أقوم بضغطة واحدة فقط. إن هذه الفكرة هي علي طرف النقيض من التدريب الشاق الذي كان يجب عليً القيام به. لقد سخرت من هذه الفكرة. يا له من أمر مثير للشفقة! إن ضغطة واحدة لن تجدي نفعاً. إنني بحاجة إلي بذل المزيد من الجهد ! لكن كل مرة كنت أعود فيها إلي خطتي الأولي، لا أستطيع تنفيذها. بعد أن سئمت من الفشل في القيام بالتمرين لمدة ثلاثين دقيقة، قررت أن أقوم بعمل ضغطة واحدة، فاستلقيت علي الأرض وقمت بعمل ضغطة واحدة، وتغيرت حياتي للأفضل. عندما أخذت وضعية القيام بتمرين الضغطة الواحدة، لاحظت أنها تشبه تماماً بداية تمرين الثلاثين دقيقة. عندما قمت بعمل ضغطة واحدة، شعرت بأن كتفي قد أصدرتا صوت طقطقة، وأنهما تحتاجان إلي شيء أشبه بزيت التشحيم. بدا الأمر كأن عضلاتي تفيق من سبات استمر أربعاً وعشرين عاماً، لكنني قمت بالمزيد نت ذلك التمرين دون توقف؛ حيث كنت بالفعل متخذاً وضعية القيام به. لقد كانت كل ضغطة أقوم بها قاسية علي عضلاتي المعطلة وعقلي العنيد. عندما وقفت أدركت أن ما قمت به أفضل من عدم القيام بأي شيء. علي الرغم من ذلك شعرت كأنني سأتوقف عند هذه المرحلة، لكن طرأت لي فكرة بأن أقوم بتحد صغير آخر، وهو عمل تمرين عقلة لمرة واحدة. كان هذا التمرين بهذا الشكل أسهل من أن أرفض القيام به؛ فأحضرت قضيباً وعلقته، وقمت بعمل تمرين واحد، وأعقبته بالقليل. قلت لنفسي: إنه لأمر ممتع ! إنه صعب لكنه ليس بالصعوبة التي كنت أظنها! عندئذ نشطت عضلاتي، وازداد الدافع لديً للقيام بالمزيد، لكنه لم يكن بالقدر الكافي كبداية، حيث كان لا يزال بداخلي الكثير من المقاومة الداخلية (كما أنني كنت غير لائق بدنياً). لذا استمررت بالإستراتيجية نفسها، وهي تقسيم الأعمال لأصغر مستوى ضروري للاستمرار. وفي أثناء قيامي بتمرين الضغطة الواحدة، كان علي أن أضع سبعة أهداف صغيرة مثل: حسناً عليً أن أقوم بواحدة أخرى، حسناً، اثنتين أخريين، والآن واحدة أخرى. . إنه لشعور جيد أن تحقق هدفاً علي سبيل التغيير. عندما انتهيت، كنت قد تمرنت لعشرين دقيقة، شعرت بالفخر حيال ذلك. عادة ما كنت أكمل عند هذا الوقت من التمرين عشر دقائق فقط من فيديو تمارين تقوية عضلات البطن. عندما كانت تخطر ببالي تلك الأفكار، كان عقلي يتخلص منها علي الفور كأنها أحد الطيور في لعبة "صائد البط" الذي يقول: "لقد استمتعت، لكن لا تتوقع استمرار هذا الحظ الجيد". ربما يمكنك تخمين ما فعلته بعد ذلك. قررت أن أحضر البساط الخاص بالتمارين الرياضية، وقد تقبل عقلي ذلك، ثم قررت البحث عن فيديو يعرض تمارين لتقوية عضلات البطن، وقد تقبل عقلي ذلك أيضاً، ثم قررت أن أشغل ذلك الفيديو. وفي خلال عشر دقائق من التمرين نشطت عضلات بطني كثيراً، ومن المهم أن تلاحظ أن تلك القرارات كانت فردية، ولم أقم في أي وقت بإلقاء كامل الحمل علي عقلي للتفكير في قرار القيام بعشر دقائق كاملة من تمارين تقوية البطن، فلو كنت فعلت ذلك، ما تمكنت من القيام بها مطلقاً. في اليوم الذي تلا قيامي بإحلال ضغطة واحدة محل تمرين الثلاثين دقيقة الذي كان يبدو مستحيلاً، كتبت "تحدي الضغطة الواحدة". لقد أصبح ذلك المنشور أحد أهم منشوراتي حتي الان؛ فما زلت أتلقيرسائل حتي الآن من الكثيرين يخبرونني كم ساعدهم ذلك علي مواصلة التمرين باستمرار. استمرت في كل يوم من عام2013 بمطالبة نفسي بالقيام بضغطة واحدة، عادة ما كنت أقوم بأكثر من واحدة، وفي يوم ما نسيت القيام بذلك ، وكنت حينها نائماً في السرير؛ لذا قمت بضغطة واحدة في مكاني، سخرت حينها من فكرة القيام بالواجب اليومي في آخر لحظة. قد يبدو ذلك بلا معني، لكن من المدهش حقاً تحقيق النجاح بسهولة ومواصلة القيام بالمتطلبات اليومية، وفيما بعد اكتشفت كيف كان ذلك مهماً في تحقيقي للنجاح. وقد لاحظت شيئين، أولهما أن قيامك ببضع ضغطات كل يوم يحدث تغييراً في شعورك من الناحية الجسدية والعقلية. شعرت بأنني أقوى وأن عضلاتي باتت أفضل، وثاني شيء هو أنني أدركت أن التمرن أصبح أمراً معتاداً لديً؛ فرغم ذلك التحدي الضئيل فإنني كنت أقوم بشيء ما كل يوم. أصبحت التمرينات المعتادة تبدو أمراً سهلاً. بعد مروري بتلك التجربة الإيجابية، تطلعت إلي معرفة إذا ما كان هناك تفسير علمي يوضح السبب في أن الخطوات الصغيرة الرائعة تؤتي ثمارها معي بشكل أفضل من الأهداف الكبيرة. لقد أظهرت الأبحاث أن هناك تفسيراً لذلك بالفعل، وسوف تطلع عليه بين ثنايا هذا الكتاب. ولا توجد دراسة منفردة تقول إن "العادات الصغيرة هي الحل". بدلاً من ذلك، نجد أن فلسفة بناء العادة تقوم علي عشرات الدراسات التي كشفت عن طبيعة قوة الإرادة والعقل وكل ما يلزم للقيام بعمل ما باستمرار. ابتداءً من أواخر يونيو انتقلت إلي صالة الألعاب الرياضية بدلاً من التمرين في المنزل ، وتكونت لديً القليل من الكتل العضلية منذ ذلك الحين. وفي العشرين من سبتمبر أدركت أهمية هذه الطريقة في جوانب حياتي الأخرى، مثل القراءة والكتابة. ولقد أدهشت نفسي منذ ذلك الحين بزيادة إنتاجيتي والبقاء في حالة جيدة، ولقد بدأت مؤخراً في تناول كميات كبيرة من سلطة الخضروات؛ لأنني أريد فعل ذلك فقط. عندما تستثمر في جوانب رئيسية من نفسك، مثل اللياقة البدنية والتعليم، فإنك تميل إلي القيام بذلك في بقية جوانب حياتك أيضاً.