الجانب المشرق
في 13 يوليو 2009نشرت مجلة تايم مقالاً في الصفحة الثانية بعنوان "10 أسئلة ل روبرت كيوساكي" وكان أحد الأسئلة التي طرحت علي هو: هل هنا فرص سانحة لتأسيس شركات جديدة في ظل هذا الاقتصاد المضطرب؟
أو عبارة خطرت على بالي كانت "هل تمازحني؟" وكانت إجابتي عن السؤال كالتالي :
هذا هو الوقت الأمثل لتأسيس أية شركة فرواد الأعمال الحقيقيون يظهرون عندما تسوء الأحوال ولا يهتم رواد الأعمال بتقلبات السوق لأنهم ينتجون أفضل منتجات ويجرون أفضل عمليات تجارية في ظل هذه الأجواء لذلك عندما يقول شخص ما: يا إلهي إن الفرص محدودة جداً الآن فهذا لأنه فاشل .
من المؤكد أنك سمعت كثيراً من الأخبار المؤسفة عن الاقتصاد يزداد الإقبال على إنشاء المشروعات التجارية الجديدة بشكل غير مسبوق 
س: ما القواسم المشتركة بين إمبراطوريتي مايكروسوفت وديزني فضلاً عن حقيقة انهما شركتان تجاريتان تستثمران بمليارات الدولارات وحققتا نجاحات باهرة ولهما شهرة عالمية ؟
ج: لقد أنشئت الشركتان خلال فترة ركود اقتصادي .
في الواقع لقد بدأت أكثر من نصف الشركات المدرجة في مؤشر داو جونز الصناعي أعمالها خلال فترات ركود .
لماذا؟ الأمر بسيط: لأنه في تلك الأوقات التي يكون فيها الاقتصاد في حالة غير مستقرة, يبدأ الأشخاص في الإبداع فهم يخرجون من منطقة الراحة ويتخذون مبادرات للمساعدة في تغطية نفقاتهم . إنها مسألة متعلقة بمبدأ ريادة الأعمال الأمريكي القديم في أحسن حالاته لأن الشدائد محك الرجال وفي الشدائد لا يصمد إلا الأشداء .
فمن الأسباب أن السوق تكون متخمة بالفرص الجديدة خلال الفترات الاقتصادية الصعبة قبل خمس سنوات عندما ارتفعت قيمه العقارات وأصبح الائتمان متاحاً في كل مكان لم يعان أي أحد الجوع وامتلأت بطون الجميع بالطعام وشعر الجميع بالأمان بينما بحث عدد قليل عن وسائل بديلة للدخل ولم يشعر الموظفون بالقلق حيال الاستقرار المالي الذي يتمتع به أصحاب العمل ولم يقلقوا من تعرضهم للفصل من العمل في المستقبل .
ولكن الآن بعد أن أصبح تسريح العمال ظاهرة متفشية بدأ الجميع في الشعور بالقلق مما يخبئه المستقبل كما بدأ ملايين الناس في إعادة تقييم أوضاعهم المالية بمزيد من الجديد والوعي وأدركوا أنهم إذا أرادوا تحقيق مستقبل آمن يمكنهم الاعتماد عليه عليهم أن يتوصلوا إلى خطة بديلة ويتوق كثيرون حالياً إلى كسب مزيد من المال أكثر من أي وقن مضي ولهذا أصبحوا أكثر تقبلاً وأكثر ميلاً إلى فتح عقولهم على الآفاق الجديدة .
في الواقع كان هذا التفكير صحيحاً حتى قبل الانهيار الاقتصادي الأخير ومنذ فترة الثمانينيات من القرن العشرين خصوصاً منذ مطلع القرن العشرين كان الدافع نحو السيطرة على مستقبلنا الاقتصادي يترسخ بداخلنا وهذا ما ذكرته غرفة التجارة الأمريكية في تقرير عام 2007 بعنوان work entrepreneurship and opportunity in 21 st century America  ولقد ورد في هذا التقرير أن :"الملايين من المواطنين الأمريكيين يتبنون فكرة ريادة الأعمال عن طريق إدارة مشروعاتهم التجارية الصغيرة الخاصة بهم "
72% من الأمريكيين البالغين يفضلون العمل لحساب أنفسهم بدلاً من العمل في وظيفة 67% يفكرون في الاستقالة من وظائفهم "بشكل منتظم" أو "باستمرار" .
إنني لا أتحدث الآن بصفتي خبيراً اقتصادياً ولكنني أعرف شخصاً يدعي "بول زين بيلتزر" .
"بول" شاب نابغة وكان أصغر نائب رئيس بمصرف سيتي بنك على الإطلاق وترك عمله في المجال المصرفي ليبدأ في تكوين ثروة بالملايين عن طريق إنشاء مشروعه التجاري الخاص وله عدد قليل من المؤلفات الأكثر مبيعاً وفقاً لجريدة نيويورك تايمز, وتنبأ بأزمة المدخرات والقروض قبل وقوعها وشغل منصب مستشار اقتصادي في إدارتين رئاسيتين . إنه شخص يستحق أن نصغي إليه حين يتحدث .
ويتحدث "بول" عن تحول بمقدار 180 درجة في القيم الثقافية الخاصة بطبيعة المسارات الوظيفية حيث أفسح الهيكل الوظيفي الشركة التقليدي المجال أمام إنشاء مشروعات تجارية خاصة .
ويقول "بول": "لقد كانت الحكمة التقليدية السائدة في  النصف الثاني من القرن العشرين هي الذهاب إلى المدرسة والحصول على تعليم جيد ثم التوجه إلى العمل في شركة كبيرة بينما كانت فكرة إنشاء مشروع تجاري خاص غالباً ما تعد محفوفة بالمخاطر ربما تبدو الفكرة مثيرة للإعجاب ولكنها لا تزال محفوفة بالمخاطر ... وربما كانت أيضاً تتسم بالتهور قليلاً ولكن حالياً أصبح العكس هو الصحيح تماماً  "
  إن "بول" على حق فقد أشار أيضاً تقرير غرفة التجارة الأمريكية الذي ذكرته قبل ذلك إلى نتائج منظمة جالوب للاستطلاع الرأي التي أفادت بأن 61% من الأمريكين يفضلون أن يعملوا لحساب أنفسهم وكشف استطلاع آخر أجرته شركة ديسايفر للأبحاث في مدينه فريسنو أن 72% من جميع الأمريكين البالغين يفضلون العمل لحساب أنفسهم بدلاً من العمل في وظيفة في أية شركة وأن 67% يفكرون في الاستقالة من وظائفهم "بشكل منتظم " أو "باستمرار" .
إن الأمر لا ينطوي على كسب العيش فحسب بل على نوعية الحياة التي تعيشها فقد بدأ الناس يدركون حقيقة أنهم يريدون مزيداً من السيطرة على حياتهم ويريدون أن يوجدوا بشكل أكبر مع عائلاتهم وأن يصبحوا متحكمين في أوقاتهم الخاصة ويعملوا من المنزل ويحددوا مصائرهم أفادت الدراسة التي أجرتها ديسايفر أن 84% ممن شملهم الاستطلاع سيشعرون بحماس أكثر تجاه أعمالهم إذا كانوا يمتلكون مشروعاتهم الخاصة والسبب الأول الذي ذكروه لرغبتهم في العمل لصالح أنفسهم هو أن يشعروا بحماس أكثر تجاه حياتهم العملية .
إن الذي يحدث حالياً هو انهيار أسطورة القرن العشرين للأمن الوظيفي أمام أعيننا التي تقول إن الطريق إلى حياة طويلة وسعيدة يتحقق عن طريق العثور على وظيفة نعمل فيها لحساب شخص آخر .