كان يبدو على "ماريلين" الغضب عندما أتت إلى مكتبي، وكانت تريد مني أن أعلم بشكل واضح تماما أن حضورها جلسات الاستشارة بالنسبة إليها مجرد مضيعة للوقت، وقالت لي بشأن وظيفتها؛ لا يمكنني أن أعول على أحد في أن يقوم بما اتفق سابقا على القيام به، ودائما ما يكون على أن أقوم بالمزيد من المهام، والآن يتحتم على أن آتي إلى زيارتك‘ ما يؤخرني في عملي أكثر مما أنا عليه". كنت أعلم أن رئيسها في العمل هو من قام بتحويل ماريلين إلى؛ لأنها كانت تحتاج إلى أن تتحكم في غضبها مع زملائها في العمل. وما علمته بعد ذلك أن هذه الموظفة الرائعة المتفانية في عملها على وشك أن تفقد وظيفتها إذا لم تتعلم كيف تتحكم في غضبها وحدة انفعالاتها. وبقدر ما كانت هذه الموظفة ذات قيمة كبيرة لشركتها، فإن زملاءها لم يستطيعوا أن يتغاضوا عن ثورات غضبها، وتعبيرها الدائم عن سخطها واستيائها. وأنا سعيد بأن أخبركم بأن "ماريلين" ما زالت تحتفظ بوظيفتها إلى الآن. وبالجهود المتفانية المبذولة في فترة ليست بالكبيرة، استطاعت أن تتعلم كيف تهدئ من نفسها عند ظهور أولى إشارات ارتفاع حدة انفعالاتها، ويمكنها الآن تهدئة المواقف التي ستتسبب في المشكلات قبل أن يتفاقم غضبها لما هو أبعد من حدود السيطرة. وربما يكون الأكثر أهمية، أنها تعلمت أيضاً أن  تحدد وتغير الكثير من التوقعات غير الواقعية التي تثير غضبها مرات ومرات في أثناء يومها إذا لم تتم تلبيتها، كما هو مقرر أن يحدث. أما "أوسين" ، فقد "أجبرته" خطيبته على زيارتي، وعندما أوضحت له أنه قام بحجز موعد، وأنه أتى بمحض إرادته، اعترف بأنه يريد أن ينقذ علاقته بزوجته المستقبلية، ولكنه كان يشك في قدرته على التغيير. لا يمكنني أن أتحمل المزيد من الصراع مع لورا؛ فهي تحاول دائما أن تناقشني في مشاعرها عن هذا وذاك، وعادة ما ينتهي الأمر بخلاف، فأترك المكان وأغادر. إنها تقول إنني سلبي وعدواني وإنني أنفس عن غضبي فيها عن طريق رفضي التحدث معها، و نسياني القيام بأشياء طلبت مني القيام بها. والآن هي ترفض أن يتم الزفاف إلى أن أحصل على مساعدة تجعلني أتعامل بصدق وصراحة مع غضبي. هذه هي طبيعتي، فكيف يمكنها أن تتوقع أن أقوم بتغيير شخصيتي؟ شعر أوستن بأنه يتصرف على طبيعته في تعامله مع لورا ، ولكنه تعلم أيضاً أن يتعامل بطريقة مختلفة مع مشاعر الغضب والسخط لديه، والآن تزوج الخطيبان، وهما بكل سعادة يتلمسان طريقهما إلى معرفة كل منهما الآخر - في رحلة الحياة بحلوها ومرها. و من الجلي أن كلأ من ماريلين" و "أوستن" يختلف في كيفية تعبيره عن مشاعره القوية، ولكنهما يتشاركان في شيء واحد، وهو أن الطرق التي كانا يستخدمانها للتعبير عن غضبهما كانت تؤثر في الآخرين بصورة سلبية، حتى إنهما كانا معرضين لخطر فقد أهم شيء لهما في الحياة. وهما ليسا الوحيدين في ذلك؛ فكل ما عليك فعله أن تمسك بجريدة أو مجلة ما، أو أن تستمع إلى الأخبار التي تروي قصصا عن الطرق الكثيرة التي يلحق بها الغضب ضررا بحياة المرء إذا لم يتعامل هو معه كما ينبغي، وقد يكون ذلك في الأماكن العامة، وأماكن العمل، والمدارس والجامعات، وفي أكثر العلاقات فيما بيننا. وفيما تتصدر قصص عن ثورات غضب عارمة طليعة عناوين الأخبار، فهناك أيضا الكثير من الانفعالات اليومية الصغيرة نسبيا التي تنم عن الغضب، وتتسبب في ضرر أقل وضوحا، ولكنها تؤثر بشكل كبير في حياة الناس. و ماريلين و أوسين مثالان بارزان لذلك. وربما لا تتصدر قصتهما نشرة أخبار السادسة، ولكن جودة حياتهما تتآكل بفعل أضرار الغضب الذي لا يتم التنفيس عنه، والتعامل معه كما يجب. وفي كل أسبوع في عيادتي، أرى أناساً صالحين ومهذبين يقولون لي إنهم "لا يستطيعون" السيطرة على مشاعرهم بالغضب. وبينما يكون من الصعب عليهم أن يعترفوا بهذا، ربما بسبب أن الاتصاف بالغضب يبدو كأنه نقيصة،  أو أن فقدان السيطرة يوحي "بالضعف" ، لكن حياتهم تتأثر بذلك تأثرا كبيرا. وكثيرا ما أقابل أشخاصا، مثل ماريلين و "أوستن" ، يقومون بالتعبير عن مشاعرهم بالغضب بأشكال تسبب الأذى لأعز الناس على قلوبهم. ويعاني الكثيرون منهم مشكلات صحية وآلاماً جسدية، كما أن قدرتهم على العمل بفاعلية تتأثر سلباً بشكل كبير؛ نتيجة الأفكار المثيرة للقلق والغضب، وكذلك المشاعر الحادة التي تشتت انتباههم، وتعطلهم عن القيام بأعمالهم. ويحمل بعض هؤلاء داخلهم مشاعر الحنق فترة طويلة، ما يسبب تصدنا في علاقاتهم المهمة، فيجدون عراقيل أمام قدرتهم على التواصل مع الآخرين؛ بسبب الخلاف الذي يكون نتيجة غير مقصودة للأساليب التي يستخدمونها للتعبير عن غضبهم. وفي بداية حياتي المهنية، استطعت أن أخلص إلى أن مساعدة عملائي على التحكم في غضبهم سيكون لها بالغ الأثر في حياتهم، كما أنها ستكون ذات مردود أكثر من رائع، وتوضح الأبحاث على سبيل المثال أن الأطفال هم الأقل احتمالاً أن يصبحوا عدوانيين عندما يتعامل والداهم والأشخاص البالغون الآخرون حولهم مع الخلافات والصراعات بشكل سلس وبترو. و له وعلى مستوى شخصي بشكل أكبر، أصبحت مهتما بدراسة الغضب وكيفية معالجته؛ بسبب تجربتي الشخصية مع هذا الانفعال القوي، ففي الفترة الاولى من زواجي، وجدت أنني أفقد أعصابي، لدرجة أن القلق اعتراني أنا وزوجتي من هذا الآمر، واقترحت على أن نلجأ إلى الاستشارة معا - وفي البداية، قاومت الفكرة؛ فأنا في النهاية خبير في تلك الأمور، أليس كذلك؟ ولم أكن أحتاج إلى المساعدة من الآخرين، أو هكذا كنت أعتقد. وحينما استطعت أن أخلع عني رداء الغرور الزائف، التقيت وزوجتي بمعالج كفء ورائع ساعدنا كثيرا على رؤية المشكلات الحقيقية في علاقتنا، وساعدني على التركين على التحكم في مشاعر الغضب لدى. وإلى يومنا هذا، لا أزال ممتنا للدروس التي تعلمتها، ويمكنني أن أقدر أيضا صعوبة الأمر على عملائي، كي يتغلبوا على تحفظهم في الحصول على المساعدة من طرف خارجي.  وفي عام ٢٠٠٤، كانت الطبعة الأولى من هذا الكتاب قد ظهرت، وكنت  مسرورا جدا من الاستقبال الطيب الذي استقبله بها قراء مثلك، وكذلك استقبال متخصصي العلاج النفسي، الذين قاموا بترشيحه لمرضاهم، هذا بالإضافة إلى الطريقة التي أفاد بها عملائي شخصيا. لقد تمت صياغة برنامج التحكم في الغضب ذي الخطوات الست هذا على مدار الأعوام الخمسة والعشرين الماضية، بناء على ثلاثة مصادر. أولاً، تمت دراسة كل خطوة منفصلة من الخطوات دراسة متعمقة، أو كان لها أساس واضح في الأبحاث في مجال علم النفس عن التعلم الإنساني، وتشتمل معظم برامج التحكم في الغضب على واحدة أو أكثر من الإستراتيجيات التي سأقدمها إليك. ثانيا، تسلسل الخطوات، والأمثلة، وكذلك أفكار تطبيقهم هي كلها من منظوري أنا، وذلك بناء على مئات الأشخاص الذين كانوا مستعدين للعمل معي لفهم منهاج تعاملهم مع الغضب في حياتهم وكذلك تغييره، ومنذ ظهور الطبعة الأولى قبل ثماني سنوات حتى الآن، زاد اقتناعي بأن الغضب وكذلك العدوانية في بعض الأحيان هما جزء من حياة كل منا، ويتعامل بعضنا مع ضغوط قلة الوقت وكثرة الأعمال التي يجب أن تنجز، كما يتعاملون مع أثر ضغوطات مثل الانهيار الاقتصادي منذ عام ٢٠٠٨ بطريقة أفضل من الآخرين، وفي بعض الأحيان يقول أو يتصرف الأشخاص الصالحون على نحو سيئ عندما يتحكم فيهم الغضب، وهذا الكتاب منشور من أجل هؤلاء. ثالثا، لقد قمت في هذا البرنامج بتدريب أكثر من ٤٠٠٠ متخصص صحة نفسية، ومتخصص طبي، ومتخصص خدمة اجتماعية، ومتخصص علاج الإدمان، وكذلك متخصص استشارات في المدارس، في جميع أنحاء البلاد، على مدار السنوات العشر الأخيرة. وقد ساعدتني المحادثات التي أجريناها، وردود الأفعال المكتوبة التي حصلت عليها بشأن البرنامج، وكذلك ساعدتني مناقشات المشكلات الخاصة بتطبيق برنامج التحكم فى الغضب على أرض الواقع، على إدخال المزيد من التعديلات على برنامج الخطوات الست الذي ستقرؤه في هذا الكتاب. إذن، من أين نشأت فكرة تأليف هذا الكتاب؟ أولاً، كانت المذكرات التي أمنحها المعالجين الذين يحضرون ورش العمل تزداد كميتها مرة بعد أخرى: وهي تشكل خلاصة وافية كبيرة للأفكار التي يمكن للممارس أن يختار منها، ولكنها صعبة التطبيق وغير عملية بعض الشيء. ثانيا، كنت أتمنى كثيرا إلى جانب مجموعة من المعالجين أن يكون في حوزتنا شيء يمكننا أن نمنحه الأفراد الذين كنا نقدم إليهم استشارات. ولكن لم يبد أن هناك كتابا يعكس المنهاج الذي كنت أتبعه؛ حيث إن غالبية الكتب التي نشرت في مجال التحكم في الغضب، وكذلك المواد التدريبية الأخرى، تركز على التعبيرات الخارجية الحادة للغضب، مثل الجدال، والصراخ، والعدوان الجسدي. ومع ذلك فقد وجدت أن الغضب غالبا ما يتم التعبير عنه بطرق أخرى غير مباشرة، وأن للغضب وجوها ، على الرغم من أنها قد تبدو أقل حدة، فإنها يمكن أن تسبب المشكلات نفسها التي تسببها الطرق الأخرى. وأنا هنا أشير إلى الغضب البارد، ورفض التحدث، أو الانسحاب من أمام الآخرين عند الغضب؛ و السلبية والعدوانية، والتمسك بشيء يريده الآخرون كطريقة لتعذيبهم؛ والتهكم، أو التقليل من شأن الآخرين من خلال إشارات أو مزاحعدائي، وكذلك استخدام النبرات اللاذعة. ويعبر الكثيرون منا عن غضبهمبواحدة أو أكثر من هذه الطرق، وعلى الرغم من أن هذه الطرق قد تبدو أقل ثورية، أو أقل عدوانية ، فإنها قد تكون ذات قدرة تدميرية مساوية للطرق الأخرى في إلحاق الضرر بالعلاقات وحياة الآخرين؛ ولذلك فإن هذا الكتاب، على عكس الكتب الأخرى، يركز على كل صور التعبير عن الغضب، أي على كل واحد من الوجوه الخمسة للغضب التي ستتعلم أن تتعرف عليها في نفسك وفي الآخرين، وستتعلم أن تتحكم فيها في نفسك. وفي الفصول التالية، وأنا واثق بأنك ستجد قصصا لحالات قد ترى فيها نفسك. وكل قصة أقدمها تضم مجموعة من العملاء المختلفين والحالات الصعبة، في إطار مقنع للحفاظ على خصوصيتهم. وعندما اطلعت على الكتب المتاحة أمام عامة الناس غير المختصين، وتتناول موضوع السيطرة على الغضب، وجدت أيضا أن هذه الكتب بشكل عام تندرج تحت فئتين اثنتين، ولم تكن أي واحدة منهما ذات أثر شامل، كما هي الحال مع البرنامج الخاص بي. وأغلب الكتب التي تقدم مساعدة عملية كانت على شكل كتيبات تدريبية تفتقر إلى العمق والمناقشة المفاهيمية؛ وفي حين كانت هذه الكتيبات تركيز على الجانب النظري، فإنها كانت تقدم إلى الناس بيانات مجردة من الصعب تطبيقها على أرض الواقع، ولهذا فلقد حاولت في هذا الكتاب أن أقدم بيانات متعمقة عن الغضب، وعن تشريح الغضب ، بينما أقدم أيضا اقتراحات تدريجية للممارسة والتطبيق لمهارات التحكم فى الغضب في الحياة الواقعية. وإنه لمن الصعب ممارسة مهارة ما دون فهم وإدراك كيفية عملها، ومن المستحيل أن تكتسب مهارة عملية، بينما كل ما تمتلكه هو أفكار مجردة. والبرنامج في هذا الكتاب مبني على قناعتي بأنك تحتاج إلى أن تعالج وتفهم كل جزء مكون لنوبة الغضب فهتا تاما؛ من أجل الحصول على نتيجة ناجحة حقا في السيطرة على الغضب، فتقديم الأساليب التي عليك اتباعها دون تقديم شرح واف عن سبب وكيفية معالجة كل منها لكل مكون من مكونات غضبك المتصاعد هو أشبه ببناء منزل دون رسوم هندسية. وربما يكون الطوب والخشب في حوزتك، ولكن دون مجموعة من الرسومات، لن تستطيع رؤية الصورة الكبرى لما تحاول بناءه؛ لذا فإن هذا الكتاب سيعالج كل عنصر رئيسي من عناصر غضبك فيما تتعلم: ١ .اكتشاف التوقعات غير الواقعية التي وضعتها لنفسك، وللآخرين، وللأشياء التي تثير غضبك عندما لا تتم تلبيتها، وستتفهم طبيعة التوقعات، وكيف تعلمتها، وكيف ولماذا من المهم جدا دراسة وتغيير بعضها. ٢ .كبح حدة غضبك المتصاعد قبل أن تشتعل نيرانه على نحو لا يمكن السيطرة عليه، وستتعرف على فسيولوجية الغضب: كيف يستجيب جسمك، وكيف تتعلم قراءة كل تغير من هذه التغيرات الجسدية في وقت مبكر، حتى تستطيع بسط سيطرتك قبل أن تجرفك موجة غضبك. ٣ .تحديد كيف يمكن للأفكار التي تخطر على بالك، بمجرد أن يثار غضبك، أن تدفعك تجاه وجه غير مرغوب فيه من وجوه الغضب، أو بعيدا عنه. وباستخدام أساليب العلاج المعرفي السلوكي وأفكاره، ستحصل على إدراك مفهومي لأنواع التفكير التي تؤثر في غضبك بشكل مباشر، وكيف تغير من تفكيرك غير المفيد. ٤ .التعبير عن أفكارك ومشاعرك بصورة واضحة، باستخدام وجه قوي من وجوه الغضب الذي أطلق عليه "حل المشكلات الحازم" . وستتعلم الأشراك الشائعة التي تعرقل جهودك التي تهدف إلى أن يفهمك الآخرون، ما يثير غالبا غضبك، كما ستتعلم كيف تنزع فتيل النزاعات، وأن تحبط محاولات الآخرين الذين قد يكون غضبهم وأساليبهم هو ما تسبب في إثارة غضبك في السابق. وبينما تكتسب فهما لتركيبة الغضب، ستتعرف على العنصر الأكثر أهمية لتغيير طريقة تعاملك الحالية مع الغضب، ألا وهو: الوعي الذاتي . وستتعلم كيف تكون واعيا تماما عندما يستثار غضبك، وعندما تبدأ الأفكار المسببة للغضب في الورود على ذهنك، وعندما يبدأ .جسمك إصدار استجابات انفعالية. وسترى أيضا وبصورة واضحة كيف تعبر للآخرين عن غضبك. وسيسمح لك هذا الوعي الذاتي بأن تغير استجاباتك التلقائية القديمة عند أية نقطة في أثناء نوبة الغضب: كيف تخمد الاهتياج الجسدي قبل أن يصل إلى نقطة اللاعودة، وكيف تأسر الأفكار التلقائية التي تغذي الغضب وتتحداها، وكيف تنظر مليا إلى كيفية شعورك وتصرفك حقا بمجرد أن ينتابك الغضب، حتى يكون أمامك خيار تغيير أي شيء لا يخدم مصلحتك. وسترى أيضا أن الاستياء المترسخ تجاه الآخرين، والغضب المتراكم، يستمر كل منهما في التقيح تحت سطح الحياة اليومية العادية؛ ما يجعل غضبك يستثار من أتفه الأمور، وكيف يمكن لعناصر مختلفة في أسلوب حياتك أن تعرقل جهودك في أن تبقى مسيطرا على غضبك، سواء أكان ذلك بسبب مدة النوم الذي تحصل عليه أو نوعيته، أو كمية القهوة التي تتناولها. وستتعلم كيف تغير مسببات الضغط هذه، وكيف تحدد ما يثير سخطك، وكيف تواجهه بطرق جديدة قد تؤدي إلى التخلص نهائيا من ذلك الغضب الخفي. وستقرأ أيضا عن فوائد ومشكلات اتخاذ قرار مسامحة شخص ما مهم بالنسبة إليك، ولكنك تضمر غضبا تجاهه، ولا يبدو أنه يقل بمرور الوقت، الذي قد يؤثر أيضا ليس فيك فقط، بل في المقربين إليك الذين يعانون وطأة الأمر. وإذا كان كل هذا يبدو كأن أمامك الكثير لتتعلمه، ولتقوم به، فلتطمئن، فهذا هو بيت القصيد من تلك الخطوات الست. لقد قسمت الأمر كاملاً إلى مهارات سهلة التعلم بشكل واضح، ولكن أيضا يسهل الرجوع إليها بمجرد اكتسابها؛ لذا يمكنك أن تستعين بمهارة واحدة بسيطة من هذه الست؛ لتفادي موجة من موجات الغضب، ومن الصعاب الكبرى التى تواجهنا فيما يتعلق بالتحكم في الغضب في النهاية، أن الغضب يستولي عليك بسرعة كبيرة جدا،فقد ثارت ثورتك حتى قبل أن تكون واعيا بأن فتيل الغضب قد شتعل، وبمساعدة مجموعة من المهارات التي يمكن أن تعمل على مختلف الأصعدة في أثناء نوبة ال غضب، يمكنك أن توقف القوة الماحقة للغضب، وأن تستجيب لأي مثير من مثيرات الغضب بطريقة هادئة وحازمة لحل المشكلات. لذلك حتى إذا لم تكن واثقا بأنك تريد أن تلتزم بهذا البرنامج بالكامل، فقد ترغب في أن تقرأ الكتاب من أجل أن تعرف مدى سهولة هذه الخطوات الست. وإذا لم تكن مقتنعا بأن غضبك يمثل في المقام الأول مشكلة كبيرة، فألق نظرة موضوعية على هذه القائمة التالية، وانظر هل يعطي أي من هذه الأوصاف انطباعا بأنه ينطبق عليك. دائما ما تكون لديك استجابة من، أنا؟ الغاضبة، ولكن الأشخاص الآخرين في حياتك يشكون من أن غضبك يمثل مشكلة. ٠ أخبرتك (زوجتك ، أو أطفالك، أو شريكك، أو رب عملك ...) عدة مرات بأن ثورات الغضب التي تنتابك هي القشة التي قصمت ظهر البعير. وعليك أن تفعل شيئا حيال مشكلتك ... وإلا تشعر بأنك منهك وسريع الغضب كثيرا في الآونة الأخيرة، وعادة ماتنفجر في الآخرين، ثم تندم على ما بدر منك. عندما تغضب، تجد نفسك تكتم الأمر داخلك، وتعاقب من تسبب في غضبك بعدم فعل ما يطلبه منك ذلك الشخص، أوعن طريق الرد عليه باقتضاب، إذا سألك هل هناك خطب ما: لا... لا شيء. أنا بخير. ٠ ترد باقتضاب في بعض الأحيان، أو تتجنب التحدث تماما مع شريك حياتك (أو صديقك المقرب، أو زميلك في العمل...) لأيام في كل مرة ينتابك فيها الغضب. وأنت تستمتع إلى حد ما برؤية الآخرين يعملون جاهدين لمعرفة ما الخطب عندما يسألونك: لماذا لا تتحدث؟ هل هو شيء تسببت فيه أنا؟أرجوك تحدث إلي’'- يمكنك أن تسخر صراحه من أحدهم عندما يثير غضبك. على سبيل المثال، تخبر الآخرين بموقف شخصي ومحرج له، أو تجعله موضع سخرية. وعندما يرد الشخص على ما تقول، تجعله يشعر بأنه يبالغ في ردة فعله، وتقول: "ماذا تقصد؟ ... كنت أمازحك فقط. لماذا أنت حساس هكذا؟"،  المشكلة الحقيقية هي أنك غاضب، ولكنك لا تبوح بما تشعر به. تعاني آلاماً وأوجاعا متكررة الحدوث (مثل صداع شديد، أو ألم في الظهر) عندما يتراكم العمل عليك. وغالبا ما تشعر بالتعب، وبأنك مضطرب المزاج بحلول الوقت الذي تصل فيه إلى المنزل، وتقوم بالتنفيس عن غضبك ذلك من خلال أسرتك في بعض الأحيان. لقد طفح بك الكيل في الآونة الأخيرة، وفي بعض الأحيان تنفجر عضبا في وجه أي شخص يضايقك. وغالبا ما تفقد السيطرة عندما تواجه السائقين أو الموظفين غير المهذبين في المحال التجارية، أو أي شخص آخر يفشل في أن يرقى إلى مقاييسك العالية عن الكيفية التي ينبغي أن يتصرف بها الآخرون. (على سبيل المثال عليهم أن يتصرفوا بكفاءة وكياسة وتهذيب) . ٠ إذا رأيت نفسك في المرآة التي رفعتها أمامك من فورك، فيمكنك أن تغير الأشياء دون تقديم تضحية كبيرة في تغيير شخصيتك، أو تعكر صفو حياتك؛ فالمشكلة لا تكمن في قيمتك، أو شخصيتك، إنما تصرفاتك التي تأتي بها عندما ينتابك الغضب، هي ما يجب أن يتغير، وستقدم إليك خطوات التحكم في الغضب التي ستبدأ من الفصل الأول كل ما تحتاج إليه، لكي تبدأ السير في هذا المسار الجديد. أكمل قراءة الكتاب لتقوم بتقييم أكثر عمقا (في الخطوة الأولى) لأي من وجوه الغضب بالتحديد التي تؤثر سلبا في حياتك، ثم استمر في القراءة، لكي تفعل شيئا ما يمكنك من تغييرها.