قرارات شجاعة
حتى عندما كنت قريبة جداً من الاستسلام، وبالتأكيد لم أكن أرى هذا الكم الهائل من الإمكانات، كانت هناك على الأقل فرصة واحدة في متجر دور ستور، وهذه هي الفرصة التي استظلتها الاستغلال الأمثل. ولو كنت أعطيت نفسي الوقت لإلقاء نظرة أقرب، فربما كنت قد وجدت أكثر من ذلك كثيرا. لم تكن وظيفة أحلامي، لكنها كانت نقطة انطلاق لي في اتجاه جديد.
أستطيع اليوم أن أرى أنني فعلت الشيء الصحيح عندما أغلقت شركتي، وعملي المستقل، فلم يكن لدى ببساطة ما يكفي من الخبرة والمعرفة، ولا ما يكفي من المال, ولم تكن منتجاتنا تناسب السوق. وفي كل مرة تظهر فيها احتمالية جديدة، كان من الطبيعي بالنسبة إلى أن أقول: نعم، هذه فكرة جيدة، وأتوقع أيضا من الناس أن يقولوا: فلنقم بهذا الأمر، وأن يكونوا متحمسين، وأن يستطيعوا رؤية الإمكانات المختلفة، ونظرا إلى هذا التفاؤل والسعي لتنفيذه، كان تقبل الواقع والمضي قدما درسا صعبا وهائلاً بالنسبة إلي.
وكانت الموافقة تعد بالنسبة إلى الكثيرين هي التحدي الأكبر, أما بالنسبة إلى، فكان الرفض هو التحدي، وقد دفعت ثمن ذلك أيضا. إن استشعار الفرص وإبداء الموافقة دون مواجهة الواقع ليس بالأمر الجيد دائما، كذلك فإن إغفالها ورفضها أمر خاطئ. وترتبط الحياة حقا باتخاذ قرارات واعية، وفى بعض الأحيان، تحدي أنفسنا للقيام بعكس ما يبدو بديهيا .
وعندما تواجه قراراً مهماً، فمن الضروري أن تكون واضحاً بشأن ما تريد، وما هو جيد بالنسبة إليك. واجعل الأشخاص من حولك يسمعونك، واختبر قرارك أو فكرتك إذا لزم الأمر، ولاحظ إذا ما كنت تستطيع الحفاظ على حماسك إذا كان هناك من يتفاعل مع الأمر بتشكك، وعليك أن تدرك أنه إذا كانت الانتقادات يمكن أن تحملك على تغيير أفكارك، فهي في الأغلب ليست أفكارا جيدة. والعكس صحيح أيضا، فإذا كنت تؤمن بقرارك، فلن تغير أفكارك بسهولة. بعد أن أوضحت اختيارك، من المهم مناقشة أي تغييرات، وأي أهداف مع شريكك وعائلتك. ومن الضروري أن تتناسب خططك مع حياتك وعلاقاتك التي تكونها مع الأشخاص من حولك.
هل هذا هو القرار الصحيح؟ هو السؤال الذي ربما سألت نفسك إياه عدة مرات، وسوف تسأله مرات عديدة في الأوقات المقبلة. وإنني مقتنعة بأن الشيء المهم ليس القرار نفسه، بل المهم بقدر أكبر هو قدرتك على تحمل مسئولية الموقف واتخاذ الإجراءات اللازمة. فإذا كنت متحمسا لإنجاز مشروع جديد، سواء أكان ذلك عملاً، أم زواجاً، أو تدريبا، برؤية أنك من تمتلك المواد اللازمة لتحقيق النجاح، فأنت على الطريق الصحيح. وأهم شيء هو أن تتولى مسئولية ما يحدث في حياتك.
فإدراكك أنك تحتاج إلى أن تتولى المسئولية بشكل كامل، هو الخطوة الأكثر أهمية، ويمكن أن تكون الخطوة الأكثر ترهيبا، عند تخطيطك للحياة التي تريد أن تعيشها، حيث تصبح أكثر وضوحاً، وأكثر عرضة للخطر. وبمجرد أن تتحمل حقا المسئولية، لن تعود قادرا على الجلوس في مقعد المشاهدين لحياتك الخاصة، وتنتقد كل ما يحدث على خشبة المسرح.
أحب إجراء العديد من المحادثات مع زملاء العمل والمديرين والرفاق عن الخطوات التالية, وغالباً ما تبدأ المحادثة بـ ما الإجراءات التي تنوي الشركة اتخاذها تجاهي؟ أو ما رأيك فيما يجب أن أفعله بعد ذلك؟ وأجيب دائماً عن السؤال بسؤال كالتالي: لا يتعلق الأمر بما تضعه الشركة في الاعتبار بالنسبة إليك, بل بما تريد، وما أنت مستعد له بعد ذلك  في حياتي الشخصية، أعلم أنني يمكن أن أكون مزعجة لشقيقاتي وصديقاتي؛ لأنني دائماً أحيل كل شكوى إليهن مرة أخرى بسؤالهن: ماذا ستفعلن حيال ذلك؟
وبالطبع أنا لا أعتبر دائما أننا يمكن أن نتعلم من كل تجاربنا في الحياة، ولكن المدهش هو عدد لحظات الحياة التي توضح مدى سهولة أن نجلس في أماكننا، ونتوقع حدوث تغيير، وننتقد الواقع فحسب. أجد أن الكثير من الناس يخشون تحمل مسئولية ما يحدث في حياتهم، وهذا ينطبق بشكل خاص على النساء؛ فعدم قدرتنا على التصرف وتولي المسئولية يسهم بشكل كبير في الشعور بالتعاسة، والضغط العصبي، والاكتئاب. لقد تخلينا عن قوتنا الخاصة، وأعطينا الشركة إياها، أو الرئيس، أو الزوج، أو الصديق، أو أحد الوالدين.
نعم، هناك أوقات صعبة، وإدارات سيئة، ورؤساء أغبياء، وأزواج يفتقرون إلى التفاهم، ولا يمكنك تغيير ذلك، لكن يمكنك تغيير النهج الخاص بك، وإذا لم تقم بذلك، فإنه من السهل أن تصبح عدوانيا سلبياً، وترى أن اللوم يقع على الجميع.
ويمكن أن يتغير موقفك بالفعل فقط في اللحظة التي تتحمل فيها المسئولية، وفي اللحظة التي تصبح فيها واضحا بشأن ما تريد، وتكون قادرا على التواصل مع الآخرين من حولك.
وفي نهاية المطاف، لديك ثلاثة خيارات: قبول الأشياء كما هي، أو تغيير موقفك، أو الرحيل.
كيفية تحمل المسئولية
لكن كيف يمكنك التحلي بالشجاعة لكي تنهض وتتحمل المسئولية؟ ليس هناك شك في أن تحمل المسئولية، والقيادة، وملاحقة أحلامك في الحياة، أمر طبيعي للبعض أكثر مما هو للبعض الآخر، ولكنك لا تحتاج بالضرورة إلى أن تكون رئيسا تنفيذيا، وتقف أمام ألفي شخص، وتضع رؤية للشركة؛ للسيطرة على حياتك الخاصة. ومع ذلك، يمكنك أن تتولى دور القيادة الشخصية، وأن تكون جزءا من الحل، بدلاً من مجرد الجلوس والانتقاد. وعندما تتخذ خطوة أخرى غير الجلوس بمنتهى الأريحية في مقاعد الجمهور‘ فإنك تتحول من كونك مشاهدا سلبيا إلى كونك مشارفا إيجابياً.
ونميل جميعاً إلى تكبير الأمور وتضخيمها أكثر من اللازم, ويمكنك أن تبدأ بتغيير صغير، مثل الرغبة في إنقاص الوزن، أو الركض في ماراثون، فإنك لن تبدأ بالركض مسافة ٤٢ كيلومترا, فكل ذلك يبدأ باتخاذ القرار. ويقول معظمنا في مرحلة معينة أو أخرى: لا أستطيع أن أفقد الوزن ، بل إننا نستطيع بالتأكيد، نحن لا نريد أن نتحمل مسئولية كل ما يتطلبه فقدان الوزن.
أنت تبني العالم الخاص بك. أيمكنك أن تفقد الوزن؟ نعم. أيمكنك أن تأكل أقل؟ نعم. هل أنت مستعد لإلزام نفسك بذلك؟ هذا متروك لك لتجيب عنه،
وحين تجيب في النهاية بنعم عن هذا السؤال، فهذا يعني أنك تقبل بأن يكون ذلك من مسئولياتك الشخصية.