هذه المرة تعلمت درسي. وعقدت العزم مرة أخرى على الحفاظ على المسافة بيني وبين كل من حولي- كنت أعين موظفين ليقوموا بعملهم- وأقوم أنا بعملي.

وكنا نلتقي في احتفالات الأعياد السنوية فقط! لستة أشهر، نجحت في الحفاظ على هذا الانفصال المهني. ثم أدركت ذات يوم أن إبعاد الجميع عني كان سلاحاً ذا حدين. الجانب الجيد للأمر هو أنني إذا حافظت على مسافة فاصلة بيني وبين الناس، لن يتمكن أحد من إيلامي. لكن الجانب السيئ هو أنه لن يتمكن أحد من مساعدتي أيضاً. لذا في الخامسة والعشرين من عمري، اتخذت قرارا. كقائد، ’سأسير ببطء وسط الحشد . سأقضي الوقت -وأتحمل المجازفة- في سبيل الاقتراب من الناس والسماح لهم بالاقتراب مني. سأتعهد بأن أحب الناس قبل أن أسعى لقيادتهم. سيجعلني هذا الاختيار ضعيفاً في بعض الأحيان. وقد يطالني الألم. إلا أن العلاقات الوثيقة ستتيح لي أن أساعدهم وأتلقى مساعدتهم أيضاً . وقد غدر ذلك القرار حياتي وقيادتي. الوحدة ليست مشكلة قيادية هناك كرتون يظهر فيه مدير تنفيذي يجلس بائساً خلف مكتب ضخم. ويقف بخنوع على الجهة المقابلة من المكتب رجل يرتدي ملابس العمل، ويقول: ربما يريحك أن تعرف أنك ستجد نفسك وحيداً في القاع كذلك . وجودك في القمة لا يعني أنك لا بد أن تكون وحيداً. ولا وجودك في القاع كذلك. لقد قابلت أشخاصاً وحيدين في القاع وفي القمة وفي المنتصف. لذا أدرك الآن أن الوحدة ليست مشكلة متعلقة بالمنصب؛ إنها مشكلة متعلقة بالشخصية.

صورة القائد في نظر الكثير من الناس هي لشخص يقف بمفرده على قمة الجبل، ناظرا بازدراء إلى تابعيه. منفصلاً ومنعزلاً ووحيداً. ومن هنا أتت مقولة: ستجد نفسك وحيداً على القمة. لكنني أرى أن تلك العبارة لم يقلها أبداً واحد من القادة العظماء. إذا كنت تقود آخرين ووجدت نفسك وحيداً، فإنك لا تقوم بالأمر على نحو صائب. فكر في كلامي هذا. إذا وجدت نفسك وحيدا تماماً، فذلك يعني أنه لا يتبعك أحد. وإذا لم يكن يتبعك أحد، فأنت لست قائدا بحق!