رغم ما لها من فائدة امتدت لآلاف السنين، ما زلنا نقاوم طبيعتنا ونقاوم جذور أنانيتنا وخوفنا وغباءنا، ليس لأن هذه الأشياء فقدت أهميتها، بل لأننا وضعنا عقبات اجتماعية في طريقهم داخل مجتمعاتنا ومهننا وأسرنا. إننا نقضي جل حياتنا نجبر سلوكنا على ملاءمة التوقعات الاجتماعية، والشعور بالذنب إذا لم نتحل بالكرم ونجبر أنفسنا على التحلي بالشجاعة، ونوبخ أنفسنا باعتبارنا أغبياء وكسالى لمجرد إحساسنا بشعور طبيعي.

وذلك، كما سنناقش، خطأ. فهو لا يسلبنا الدافعية الطبيعية والغريزة فحسب، بل يجبرنا على تبني سلوكيات رغم أنها حميدة فإنها ليست ناجحة في كثير من الوقت.

إن الأنانية تجعلنا نلمس ما يهمنا حقا، وتقينا شر فرض منظومة قيم علينا قسرا. إنها تعلمنا أن نبحث عن مصلحتنا وتدفعنا نحو تحقيق النجاح الشخصي، والخوف يجعلنا نتوخى الحذر ونلجأ إلى الدهاء، ويساعدنا على
تعزيز سيطرتنا على عالم يعد فيه الخروج على السيطرة هو القاعدة. إن الخوف هو وقود الإبداع، ويجعلنا واسعي الحيلة ويجعل اتصالاتنا ونظمنا مبسطة وسهلة الفهم ولا يمكن التحايل عليها.

هذه العوامل تفوق مجرد كونها أدوات للبقاء الإنساني، إنها عناصر جوهرية نحتاج إلى استيعابها؛ حتى يتسنى لنا الاندماج والابتكار وتحقيق النجاح على المستوى الشخصي وعلى مستوى مؤسساتنا ومجتمعاتنا وجميع من حولنا. ولكنها تضطرنا إلى إزالة الغمامة من على أعيننا، حتى يمكننا النظر خلال الأوهام التي علمونا الإيمان بها .