على غرار أي لص بارع، فيمكن للصوص الخمسة الظهور بأشكال تنكرية رائعة، فاللص البارع يبدو كأنه صديق قبل سرقته إيانا. وعندما نستكشف
كلاً من اللصوص الخمسة، ستدرك كيف يأتي السارق متنكرا بصفته قوة بناءة في حياتنا؛ لكنه يخدعنا في نهاية الأمر، ولهذا السبب فالطريق الأول
لطرد اللصوص من منزلك هو إدراك ماهيتهم الحقيقية. ن الهدف النهائي هو طرد أنماط التفكير الخمسة هذه من حياتنا، على

المستويين الفردي والجماعي. فبعد كل شيء، إذا كان لديك لصوص في منزلك، فسيكون عليك التخلص منهم. واللصوص الخمسة هم: السيطرة و
الخيلاء و الجشع و الاستهلاك و التراخي. للصوص يسرقون السعادة المجتمعية أيضا

مثلما أقول إن السعادة هي حالتنا الطبيعية كأفراد، فيمكن القول بالمثل بالنسبة لجنسنا . لقد كان هناك الكثير من الجدل عبر القرون حول الطبيعة

الحقيقية للإنسان. هل نحن أنانيون أم إيثاريون بشكل غريزي؟ هل ولدنا لنكون تعساء أم للعيش بسرور؟ هل نحن محبون أم عنيفون بشكل غريزي؟

هل سنخرب كوكب الأرض في النهاية ، قاضين على ما فيها من روعة وجمال؟ أم أننا سنكون مثل النحل، جالبين المزيد من الحياة إلى الأرض والتي ما كانت لتوجد لولا وجودنا؟

للإجابة عن هذا السؤال بشأن الطبيعة الحقيقية لجنس البشر، فمن المهم التفكر في كيفية هيمنة الإنسان العاقل على الأرض على عكس أي مخلوق آخر في تاريخ الحياة كما نعرفه، ويقدم علماء الأحياء مثل إدوارد أو. ويلسون" في كتابه The Social Conquest of Earth و"يوفال نواه هراري" في كتابه -Sapiens : A Brief History of Hu
manki أدلة مقنعة على أن ما سمح للبشر بأن يزدهروا ويغزوا الأرض هو قدرتنا على التعاون التي لا مثيل لها بين الكائنات الآخرى، وبالطبع تنافس البشر بعضهم مع بعض كذلك، ويشهد تاريخ الحروب بذلك، ولكن القصة الحقيقية للتقدم البشري هي قصة التعاون الإنساني. وعلى النقيض من أي جنس آخر، فلقد تعلمنا التعاون مع عدد كبير من الغرباء لتحقيق هدف مشترك.

ففي الواقع، يوجد دليل يوحي بأن كثيرا من الجانب المظلم منا هو تطوير مستمر. في معظم التاريخ البشري، نحن عشنا ربما ٩٩% من تاريخنا كجنس بشري في قبائل تبحث عن الطعام تسمى بالصيادين وجامعي الثمار؛ فقد كانت هذه حالتنا قبل ظهور الزراعة. ورغم ضعف الأدلة، فقد تبين أن صورتنا عن أسلافنا أنهم كانوا بربريين متحاربين هي على الأرجح أبعد ما يكون عن الحقيقة. وتشير الأدلة إلى أن أسلافنا القدماء كانوا يبدون قليلاً من العنف تجاه البشر الآخرين، وكانوا في الغالب شديدي التعاطف، ويتعاونون بكثرة، بما في ذلك تشارك الطعام بشكل معتاد، كما كانوا يميلون إلى رؤية أنفسهم متصلين بالطبيعة بشدة وليسوا في صراع معها. وتستمر قبائل الصيادين وجامعي الثمار الحالية في إظهار روح التعاون هذه. وتشير الأدلة إلى أن كلاً من الثورة الزراعية ومفهوم الملكيات هما ما ساعدا على تعزيز الأشياء التي يربطها غالبيتنا بجانبنا البشري المظلم. وليس هذا الكلام للإشارة إلى أن البشر كلهم خيرون، ولكن طبيعتنا الحقيقية

- والخصلة المحورية من ذاتنا الجماعية - هي طبيعة ذات تعاون متعاطف، ويقبع هناك أساس نجاحنا، ومثلما هي الحال مع سعادتنا الطبيعية إلى حد كبير، فهذه الطبيعة الحقيقية تحجبها ظلال المفاهيم الخطأ.

وبالتالي فهؤلاء اللصوص قريبون من حياتنا المجتمعية كقربهم من حياتنا الشخصية. وأملي هو البرهنة على أن الأشياء التي تسلبنا سعادتنا الشخصية تقف معوقا كذلك أمام البشرية في سعينا نحو امتلاك مكانة مناسبة كقوة بناءة وإبداعية وإيجابية على الكوكب. إن المجتمع والعالم هما
في الأساس حصيلة طبيعية لحياتنا الداخلية.

وبيت الإنسانية ما هو إلا امتداد للبيوت الداخلية لنا كأفراد. وتؤثر الحالة الداخلية لكل منا على حال العالم ككل، وإذا أردنا عالما أفضل، فيجب على
كل منا العمل على امتلاك طبيعة بناءة. ولهذا السبب تدعونا جميع الثقافات الروحانية إلى العمل على إصلاح حياتنا الداخلية قبل محاولتنا إنقاذ العالم،
وهو السبب وراء إشارة علم النفس الإيجابي أن السلوك الاجتماعي الإيجابي ينبع من السعادة الداخلية، وليس العكس.