لكن لماذا استخدام استعارة اللصوص للتعبير عما يسلبنا سعادتنا الطبيعية وسكينتنا الداخلية؟ اللص - حسب التعريف – هو شخص يسرق شيئا ملكك،
وفي حال السعادة، فهؤلاء اللصوص هم أنماط فكرية وفلاتر داخلية نرى منخلالها العالم بطريقة مشوهة، وهم يشوشون رؤيتنا لما هو حقيقي وطبيعي.

وتنصح معظم الثقافات الروحانية والحكم القديمة بوجوب تجنب الطرق المشوهة لرؤية العالم. في إحدى الفلسفات، توجد خمسة معوقات كبرى:
الرغبة الحسية، والبغض، والكسل، والقلق، والشك. وفي تقاليد فلسفة أخرى، توجد سبع خطايا مهلكة: الكبرياء، والحسد، والجشع، والغريزة، والغضب،
والطمع، والكسل. وفي خامس أكبر فلسفة في العالم وأحدثها، توجد فكرة أننا كبشر نتمتع بشعور طبيعي بصواب الأمور، وهو ما يدعونه بالفطرة
السليمة. وتشير هذه الفلسفة إلى أنه يوجد خمسة أنماط للتفكير (والتي يدعونها باللصوص) وهي تسلبنا فطرتنا السليمة التي نمتلكها: وهي
الغريزة، والجشع، والتعلق، والغضب، والخيلاء. وهكذا, فإن جميع الموروثات تعلمنا في الأساس أننا سنكون سعداء ومنسجمين بطبيعة الحال إذا ما
روضنا هذه القوى بداخلنا. وعندما ذكرت للمرة الأولى فكرة لصوص السعادة هذه لزميلة لي، قالت لي

على الفور: "إذن أنت تعني الأمور التي علينا تجنبها؟"-ومع ذلك فليس الغرض هو امتلاك قائمة بالأشياء التي علينا تجنبها، كالأشياء الموجودة في
حمية غذائية صارمة. فيمكن لقائمة بالأشياء التي علينا ألا نفعلها أن تكون مصدرا للتأنيب بقدر قائمة الأشياء التي يجب علينا فعلها لبلوغ السعادة

والرضا، أو ربما أكثر منها- وعوضا عن ذلك، فإنه من المفيد، كما ذكرت، أن نعتبر اللصوص الخمسة

للسعادة أنماطا للتفكير ومرشحات وفلاتر داخلية نرى من خلالها العالم. وعندما تفكرت في الأشخاص الـ250  المسنين السعداء الذين قابلتهم من أجل

الإعداد لكتابي The Five Secrets ، أدركت أن كثيرا منهم تحدوا أنماط التفكير هذه، رغم أن هذا كان في وقت أخفقت فيه في استيعابها،
وأخبروني فيما معناه بأنه توجد أساليب للتفكير ستبعدك عن السعادة. وهؤلاء اللصوص ليسوا خارجنا، بل هم أنماط موجودة بداخلنا. وهؤلاء

اللصوص طبيعيون بالنسبة لنا إلى حد ما، ولكن إذا "هيمنت" أنماط التفكير هذه على كل شيء، فإنها تغير من نظرتنا للحياة بشكل كبير.