1. عندما تطبق الإرشادات التسعة عشر التي سأذكرها في هذا الفصل، فإن سلطتك الشخصية عند التعامل مع الناس ستصبح شديدة للغاية ، حتى إنك ستكون قادرة على الاحتفاظ بها، وفي أعلى مستوى وباقل مجهود ممكن.
  2. طبق هذه الإرشادات التسعة عشر لتملا حياتك بالبهجة والسعادة وستكون بعدها قادرة على التعايش مع نفسك، كما أنك ستمتلك القدرة على مواجهة نفسك في المرأة وستنام مطمئن البال كل ليلة ، دون إحساس بتأنيب الضمير بسبب أي ذنب يمكن أن يرتكب تجاه الأشخاص الذين تربطك بهم علاقة .

والآن ، ربما تتساءل هل هذه المكاسب التي سأجنيها تستحق كل هذه الجهود المبذولة ؟ ويقدر معرفتی واهتمامي بهذا الأمر ، فإنني أقول لك أجل إن المكاسب التي ستجنيها من اكتساب سلطة غير محدودة مع الآخرين تستحق كل هذا العمل المعقد ، لكن عليك أن تجيب بنفسك عن هذا السؤال بعد ذلك .

وأفضل وسيلة تساعدك على الإجابة عن هذا السؤال هي أن تنظر حولك لبعض هؤلاء الأشخاص الناجحين الذين تعرفهم ، وإنني على ثقة تامة بأنك ستجد أنهم يتبعون هذه الأساليب التي ستتعرف عليها، ليس في هذا الفصل فقط، وإنما أيضا في كل الكتاب ، وهدفهم من اتباع هذه الأساليب هو اكتساب سلطة غير محدودة مع الآخرين .

تری بم يتصف هذا الشخص ؟ حسنة ، أعتقد أنك ستجد هذا الشخص سعيدة مطمئن البال وراضية عن حياته كما أنك ستجده متكيفة بشكل جيد مع الآخرين وقادرة على التعامل مع الجميع تقريبا ، دون خلاف أو احتكاك .

وقد عرفت ذات مرة شخصا يشابه إلى حد كبير هذا الشخص ، وربما أنك تعرف شخصا ما يشبه أو على الأقل ستعرف شخصأ له نفس شخصيته أو يمتلك نفس مقومات الشخصية التي يتمتع بها هذا الرجل النبيل . هذا الرجل الذي عرفته يدعى « تشارلز . تي . ماكمبل».

تشارلز. تي. ماکمبل كان لواء في جيش الولايات المتحدة الأمريكية ، قابلته أثناء الحرب العالمية الثانية . كان تشارلز يعلم حدود اختصاصاته ووظيفته كأی ضابط في الجيش ، كان يعلمها جيدة، لقد كان يتصرف كرجل نبيل – جنتلمان - في كل الأوقات . لم أره أبدا فقد أعصابه ولو مرة واحدة ، وهذا لا يعني أنه لم يشعر مطلقة بالغضب ، ولكنه دائما يسيطر على أعصابه وانفعالاته سيطرة كاملة ، تحت أي ظرف ومع أي شخص .

وبالرغم من أنه كان يدين بالولاء الشديد لرؤسائه فإنه لم يكن يخاف منهم، كما أنه كان يفاخر بأتباعه ويدين لهم أيضا بالولاء، لقد اتسم هذا الشخص بالصراحة والأمانة ، كان يقول ما يعنيه ويعني ما بقوله ، لم يكذب أبدا مرة واحدة طوال تلك الأعوام التي عرفته خلالها ، ولم يتخل أبدا عن الوفاء بكلمته ، كما أنه لم يتعسف مطلقة في استخدام حياته كضابط جيش ، كما اعتاد البعض أن يفعلوا .

كان هذا اللواء يتمتع بروح الدعابة ، لكن لم ينل من جديته ، كان عطوفة ولطيفة ودمث الأخلاق ، وكان يحترم تماما حقوق الآخرين ، وبالرغم من أنه كان يشعر بمسؤولية كونه مثالا يحتذى به أتباعه ، فإن ذلك لم يدفعه ليكون مثالا لا يتفاعل معنا أو يكون شخصا منافقأ ، ثقيل الظل ، يلقي علينا النصائح والمواعظ أو يحاول تهذيب أخلاقنا ، كما أنه لم يحاول مطلقا أن يفرض مقياسه للصواب والخطة على الآخرين الذين يتبعوه.

كان يرى أن أفضل وسيلة يمكن الاعتماد عليها لإظهار أفضل ما في الشخص هي خلق مستويات أو أهداف عالية لهذا الشخص لكي يحاول الوصول إليها ، وقد تعلمت ذلك منه بسرعة ذات يوم كلفني فيه بمهمة في الجيش ، فقد أصدر إلى أمرة صارمة قائلا: (أيها الملازم ، هناك مهمة شاقة أمامك ، عليك أن تنجزها، أعلم أنك أهل لهذا العمل وإلا لما كلفتك به)، وبين أن ينطق بكلمة واحدة أخرى، تحول عني فجأة ومضي في طريقه .

عندما نظرت في يدي لأجد الورقة التي أعطاني إياها، أصبت تقريبا بالذعر، ومن النظرة الأولى بدت لي هذه المهمة مستحيلة الإنجاز تماما ، لكن في نفس الوقت ، لم يخطر ببالي ألا أحاول أداء عمل كلفني به ، على الأقل كان على أن أحاول ، لأنه طلب مني ذلك وأظهر لى ثقته التامة في قدراتي التي تمكنني من أداء هذا العمل.

لقد تذكرت تلك الكلمات التي طالما سمعتها منه : دائما ابذل أقصى ما في جهدك ، و إذا لم يكن بإمكانك أن تفعل المزيد؛ فلا ينبغي أن ترغب في عمل الأقل ، لذلك فقد بدأت في القيام بهذه المهمة وبطريقة ما نجحت في إنجازها ، وبعد أن أنهيتها بنجاح ، أدركت أنه عندما أضع هدفا أمام شخص کی يصل إليه وأظهر له ثقتي التامة في قدرته على ذلك ، فإنه سيبذل جهدة للوصول إليه أكبر بمراحل من الذي يمكن أن أبذله أنا نفسي .

يمكنك أنت أيضا الوصول لنفس النتائج التي وصل إليها اللواء ماكمبل عند التعامل مع الآخرين، ولا يهم نوعية المهمة أو ما إذا كنت ضابط جيش أو واعظا أو مدرسا أو مديرا تنفيذيا لاحد المشروعات أو بائعا أو كبير عمال أو مشرفا أو أبا أو أما أو أي شيء غير ذلك .

معظم الناس يؤدون الأعمال بجهد وقدرة أقل مما يمكنهم فعله في الواقع ، فإذا وضعت لهم أهدافا عالية لكي يحاولوا الوصول إليها وأظهرت لهم إيمانك الصادق بقدرتهم على إنجاز هذا العمل فإنهم سيبذلون أقصى ما لديهم من جهد ، ستفجر بذلك طاقات موجودة لديهم ، ربما لم يكتشفوا فيما مضى أنهم يمتلكونها . لقد اكتسب هذا اللواء قوة غير محدودة عند التعامل مع الآخرين، وكان يستخدم هذه الطاقة في كل وقت ، كان يحدث ذلك حتى دون إدراك منه بذلك ، فقد أصبح حدوث هذه العملية يتم بشكل تلقائي .

بعد ممارستك المتكررة للأساليب التي تكتسب معها طاقة غير محدودة عند التعامل مع الآخرين ، بعد ذلك ستتولد بداخلك شخصية محددة ، ستنمو بشكل أقوى وأقوى حتى يصبح استخدام الطاقة غير المحدودة في التعامل مع الآخرين عادة تمارسها تقريبا بشكل تلقائي ، عندئذ يمكنك استخدامها للتحكم والتأثير وتوجيه مساعدة للآخرين دون حتى أن تبذل مجهودا كبيرة في التفكير فيما تقوم به.

كل صفات الشخصية التي تحدثت عنها ، تعتبر مكسبة لك أيضا بجانب أنها تعتبر أساليب يمكن استخدامها ، على سبيل المثال ، إذا كنت عطوفا ورقيقا ودمث الأخلاق مع الآخرين ، فهل تعتبر ذلك مجرد أسلوب تستخدمه مع الآخرين ؟ إذا كان ذلك ، فإنه سيحدث بصعوبة ، وأعتقد أنك عندما تتحلي أيضأ بهذه الصفات ، فإنك ستجد في مقابل ذلك نفس المعاملة الحسنة مع الآخرين ، وأريد الآن أن أوضح لك كل صفة من هذه الصفات الشخصية على حدة.

إن الشخص الذي يحتفظ بقوته غير المحدودة عند التعامل مع الآخرين عند مستوى مرتفع طول الوقت ، هذا الشخص ملتزم بأن يتحلى بمعظم هذه الصفات إذا لم يكن جميعها .