إن الكثير من الناس لا يعجزون عن تحقيق الثراء ، كما قلنا سابقاً ، فقط لمجرد أنهم أكسل مما ينبغي ، بل يعجز الكثيرون عن ذلك لأنهم لايعرفون مايفعلونه بالمال الذي كسبوه . من السهل أن تفكر في الأمر على هذا النحو ؛ فبمجرد أن تتحصل على قدر معين من المال الذي كسبته بعرق جبينك – على افتراض أنك لم تسرقه من أحد – وأجل أنت بالفعل تستحقه. لكن لا، لا تنفقه كله الآن، مهما كانت رغبتك قوية في تلك السيارة أو ذلك المنزل المطل على البحر، أياً كانت المغريات.

لقد فعلت ذلك الأمر أنا نفسي. أعتقد أن جميعنا فعله. لقد حصلت ذات مرة على مبلغ كبير من مسترجعات الضرائب، وانا لا أتذكر تحديداً لماذا كنت أحاسب وفق شريحة ضرائبية مبالغ فيهان لكن هذا حدث لسنوات عديدة، وعندما أعادوا ذلك المبلغ لي كان مبلغاً كبيراً، وبالطبع كله على إجازة رائعة، لكن هذا هو الفارق بين الرجل الغني والرل ميسور الحال، فالغني يرى مثل هذا الهبوط المفاجئ للثروة أنه فرصة لكسب المزيد من المال، أما الشخص الميسور الحال فسيظل كذلك لأنه يرى في هذا المال فرصة له ليحظى ببعض المتعة، ولا ضير في هذا إذا كان هذا هو هدفك في الحياة.

 

 

 

المتعة الفورية وحسب، لكن إذا ما كنت تطمح لتحقيق ثراء أعظم ومتعة أكبر (وإن كانت مؤجلة قليلاً) فيجب عليك إذا أن تتعلم كما تعلمت أنا أنه بمجرد حصولك على مبلغ من المال، أو ادخار مبلغ ما، أنه لا بد أن تستثمره فوراً بصورة مفيدة، وأفضل استخدام لهذا المال هو استثماره ليكون بذرة لتكوين ثروتك.

والمال هكذا لن يضيع، بل سيعمل لحسابك، وبمجرد ازدياد هذا المال سيبدأ في جلب المزيد من الأموال الرائعة، وعندئذ تستطيع أن تحظى بالإجازة التي تريد. لكن لا بد لك من أن تنتظر وان تستخدم هذه البذرة بحرص وحكمة . اعتبرها بمثابة "محفز" لجذب المال، وهذا مصطلح يطلق على المبلغ البسيط الذي يوضع لتحفيز الناس على منح الإكراميات، فلابد أن تضع بعض المال في الطبق وإلا لن يجد الناس محفزاً لدفع الإكراميات . إن عازفي الموسيقى في الطرقات يفعلون هذا الأمر أيضاً، حيث يضع الواحد المال بها. فلن يضع أحد أي أموال في قبعة خالية، وما ستفعله أنت هو وضع البذرة لتكوين ثروتك.

 

 

 

 

 

 

 

لكنك قد تقول! لكني لن أضع يدي مطلقاً على أي مبلغ كبير من المال. هذا ليس حقيقياً. فأنت تحصل على مبلغ كبير من المال نهاية كل أسبوع طوال حياتك على صورة راتب أسبوعي – على افتراض أن لك وظيفة ها هنا. وانت تختار الأوجه التي ستنفق بها مالك – أقساط الرهن القاري، الطعام، السيارة، الترفيه ... إلخ.

لكن إذا ما أردت تغيير نمط حياتك هذا واستبدال آخر به، فلابد أن تغير وجهة نظرك حيال الأمر كله، ونقظة البداية هي ادخار مبلغ معين كل أسبوع، وذلك حتى يتكون لديك هذا المبلغ الكبير، وبمجرد تكوين مثل هذا المبلغ، فكر ابدأ في استثماره، وفي الواقع أنت بحاجة لتحويل تلك الأموال إلى نوع من الأصول الاستثمارية التي تدر عليك دخلاً معيناً – وليكن أسهماً مثلاً، أو عقاراً يمكنك تأجيره، أو أي شيء آخر. إن الثروة ستتكون ببطء وعبر فترة من الوقت ما دمت حريصاً على جعل كل مبلغ تكسبه يعمل لصالحك.