كيف تعمل الغواصات؟

تغطس الغواصات إلى أعماق البحار ثم تعاود الصعود إلى سطح الماء بفعل تغيير ثقل الأوزان بداخلها بكل بساطة. ولهذا فإن من الضروري أن يظل قائد الغواصة على اطلاع حول عدد أعضاء فريق الغواصة، وكمية الطعام فيها، وأوزان البطاريات، وأسلحة الطوربيد وغيره.

وعندما يصبح ثقل الغواصة موازياً لثقل الماء الذي تفرغه منها تطفو الغواصة على سطح الماء. ولو أخذنا مثلاً حالة الغواصة البريطانية «T»، التي يبلغ طولها 273 قدماً، والتي صنعت أثناء الحرب العالمية الثانية، لوجدنا أن هذا الوزن يساوي 1300 طن.

وحالما يصدر قائد الغواصة أوامره بالغوص، تفتح الصمامات والمراوح، وتسمح للماء بالدخول إليها بكميات ضخمة ومحسوبة، على أن لا يزيد على الماء لدرجة تغرق الغواصة إلى مستويات عمق غير مرغوب فيه.

وفي حالة الغواصة البريطانية *T* فإن وزناً بمقدار 1575 طناً كفيل بأن يغطس بالغواصة إلى حدود الطغوية الاعتيادية. وهو الحد الذي تكون فيه الغواصة مغمورة بالماء وقادرة على التنقل على مستويات مختلفة بإجراء تعديلات طفيفة على نقل المياه الموازنة.

وتوجد خزانات المياه الموازنة إلى جانب خزانات الوقود داخل جدران الغواصة المعدنية السميكة والقوية جداً لحد أنها تصمد أمام ضغوطات المياه في المستويات العميقة. وعندما تشرع الغواصة بالغطس تفتح الصمامات الآلية الأمامية أبوابها لاستقبال المياه لحظات قبل أن تقوم الصمامات الخلفية بالعملية نفسها.

وهذا يؤدي بالغواصة لأن تغطس بمقدمتها أولاً قبل أن تنزلق بأكملها بهدوء تحت سطح الماء. وتتولى عملية توجيه الغواصة والسيطرة على وجهتها وهي تحت الماء زعانف ملتصقة بجسمها.

وحالما تتلقى الغواصة الأوامر بالفوش على سطح الماء ويسمح للهواء المضغوط بالدخول إلى خزانات التوازن ويطرد المياه منها، مما يسمح للغواصة بالارتفاع تدريجياً.

هذا وقد كانت الغواصات قديماً تعمل بفضل محركات دیزل ضخمة متصلة بمولدات كهربائية. وكانت قوة الكهرباء التي تولدها المحركات كفيلة بتشغيل المراوح. وبما أن المحركات كانت بحاجة إلى الأوكسجين، فإن أنبوب هواء طويل يسمى «الشرنكل، كان يمتد من الغواصة إلى السطح، ويسمح لها بالتنفس تحت الماء.

وبفضل هذا الجهاز الذي تم تطويره أثناء الحربه العالمية الثانية كان بإمكان الغواصة التنفس والغطس تحت سطح الماء مباشرة، أما في طبقات الماء الأكثر عمقاً فكانت بطاريات مخزنة متصلة بالمولدات الكهربائية تتولى تأمين الطاقة اللازمة.

وظل الحال كذلك حتى العام 1955 تاريخ إنشاء أول غواصة نووية. وكانت هذه الغواصة، التي حملت اسم (یو. اس. أس. توتيلوس)، تعمل بواسطة مولد نووي ينتج حرارة كافية لتحريك طوربينات الدفع ومولدات التيربو. وطالما أن هذه الغواصات لا تحتاج إلى الصعود إلى السطح لشحن بطارياتها، فإن بإمكانها البقاء تحت الماء لأسابيع في كل مرة.