اكتشاف قانون الاندماج النووي - Fusion

سنة الاكتشاف: 1951م

ما هذا الاكتشاف؟

  • نقيض الإنشطار، الإندماج يتضمن إتحاد نواتي ذرتين إلى ذرة واحدة أكبر حجماًً، مع تحرير كميات هائلة من الطاقة

من المكتشف؟

  • ليمان سيتزر Lyman Spitzer

أهمية اكتشاف قانون الإندماج النووي ؟

طاقة الإندماج هي قدرة الشمس، فهي مصدر قدرة لا ينضب يمكن صنعه من الهيدروجين والهيليوم - العنصرين الشائعين في القشرة الأرضية. يعتبر الاندماج نظيفة وصديقة للبيئة غير ملوث لها. تحدثت النظريات عنه خلال العقدين الأول والثاني من القرن العشرين، ثم وصف رياضياً خلال عقده الثالث.

وأخيراً، اكتشف (ظهر مختبرياً) عام 1951م، لتستثمر تقنية الإندماج في صنع القنبلة الهيدروجينية بعد فترة وجيزة.

شهد الإندماج كل هذه التطورات خلال القرن العشرين إلا واحدة: لم يتم تحويله بعد إلى واقعه العملي الموعود، فلا زال يعمل بين جدران المختبر فقط. لكن لو أصبح بالإمكان تحويل هذا الإكتشاف إلى حقيقة عملية، فإنه سيقضي على مشاكل نقص الطاقة لآلاف من السنين.

كيف جاء هذا الاكتشاف؟

لطالما إعتقد العلماء بأن الشمس تصدر الحرارة والضوء بحرق مادتها المكونة لها بواسطة عملية إحتراق اعتيادية. خلال القرن التاسع عشر، جادلت فئة قليلة من العلماء هذه الفكرة (أبرزهم البريطاني لورد كلفن) بقولها أن الشمس تصدر الحرارة من انكماشها التجاذبي الخاص بها- وبأن هذه العملية لن تدوم أكثر من ملايين قليلة من السنين.

سمحت معادلة آينشتاين الشهيرة (طا = ك س2) للعلماء بإدراك إمكانية تحويل كميات قليلة من المادة إلى كميات هائلة من الطاقة. 

في عام 1919م، وصف الفلكي الأمریکي هنري رسيل Henry Russell العمليات الفيزيائية والرياضية التي من شأنها أن تسمح للشمس بدمج ذرات الهيدروجين إلى ذرات الهيليوم وبالتالي تحرير كميات كبيرة من الطاقة خلال هذه العملية، التي عرفت بإسم الاندماج. لم يمض سوى عام واحد فقط (1920م) ليتم إثبات صحة هذه النظرية الأخيرة حول طريقة عمل الشمس، وذلك من خلال القياسات الفلكية لفرانسيس آستونª Francis Aston.                        

تواجد الإندماج نظرياًً، ولكن هل الإندماج شيء يمكن تطويره عملياً على الأرض؟

 في عام 1939م، وصف الفيزيائي الألماني هانس بيتهª Hans Bethe-بالتفاصيل الرياضية - نظرية تفيد بكيفية صنع تفاعل إندماج على الأرض.

لكن كانت هناك مشكلة، إذ أفادت معادلات بيته بأن ذرات الهيدروجين يجب أن تسخن لدرجة تفوق مليون درجة سيليزية (180 مليون درجة فهرنهایت) وتضغط إلى مجال صغير بحيث تتصادم البروتونات في نوى الهيدروجين وتندمج إلى ذرات الهيليوم.

لم يكن هناك من مادة أو قوة معروفة بإمكانها أن تحقق هكذا عمل خارق.

 أسس الدكتور ليمان سبتزر Dr . Lyman Spitzer مختبر فيزياء البلازما بجامعة برينسيتون الأمريكية عام 1948م، وسرعان ما أدرك بأن الطريقة الوحيدة لاحتواء تفاعل اندماج هي باستعمال مجال مغناطيسي عالي الطاقة.

فقام سبتزر بإحاطة أنبوب (يشبه الكعكة المستديرة المقلية) يحوي غاز الهيدروجين بملف سلكي لإحداث مجال مغناطيسي يعمل على حبس ذرات الهيدروجين بينما كانت أجهزة الليزر تقوم على تسخينها لملايين الدرجات.

مرة أخرى، كانت هنالك مشكلة. عندما قام سبتزر بلف آلاف اللفات نحو الأسفل من خلال وسط الأنبوب، ثم نحو الأعلى على إمتداد سطحه الخارجي، حدث طبيعياً أن تجمعت الأسلاك بكثافة أكثر داخل الأنبوب عن خارجه، مما أدى إلى توليد مجال مغناطيسي أقوى على السطح الداخلي (مرکز) الأنبوب قياساً بالمتولد على الخارج، واندفعت ذرات الهيدروجين خارج الأنبوب بسرعة قريبة من سرعة الضوء. لم يعمل مُولد الإندماج هذا عمله.

بعدها اكتشف سبتزر علاجاً مدهشاً، إذ لوي الأنبوب الحاوي على ذرات الهيدروجين من شكله الشبيه بالكعكة المستديرة إلى شكل شبيه بالرقم 8. فلما تسارع الهيدروجين خلال هذا الأنبوب الملوي، فإنه قضى جزءاً من كل دورة بالقرب من السطح الداخلي للشكل 8 وجزءاً قرب السطح الخارجي، وبالتالي بقي دون أن يسحب خارجاً بتأثير الاختلافات في المجال المغناطيسي.

في عام 1951م، أنهي سبتزر العمل على مولد إندماج بلازما الهيدروجين الأول هذا، واسماه stellarator "الستيلاراتور" أو "مفاعل الاندماج النجمي" إشارة إلى شكله الشبيه بالنجمة. كان أول تشغيل للستيلاراتور لمدة جزء صغير من الثانية طالما أن صاحبه لم يكن متأكداً بعد من أن بلازما الهيدروجين الفائقة الحرارة لن تتحول إلى قنبلة هيدروجينية. 

لنصف ثانية مجيدة واحدة، توهجت كتلة الغاز توهج نجوم السوبرنوفا العملاقة عند تفجرها، كأنها شمس متوهجة ساطعة وهي تحترق بدرجة 70 مليون فهرنهایت (38888871 درجة سيليزية). بحرارة وبريق يفوقان الخيال، أخذ الغاز هيئة حوض من بلازما الهيدروجين قطره قدمان يستشيط غلياناً بقوة انفجارية، ثم بدأ يخفت ليأخذ لوناً أرجوانياً باهتاً.

وأخيراً، بعد ثانيتين من بدء إشعاله، تحول إلى الأسود من جديد. للحظة وامضة واحدة، حضر ليمان سبتزر نجماً جديداً تقريباً. الأهم من هذا، إكتشف أن الإندماج ممكن على سطح الأرض.

حقائق طريفة: كمصدر طاقي بديل، للإندماج فوائد كثيرة، بما فيها: توافر عالمي طويل المدى من الوقود الرخيص، عدم التسبب بتكوين أمطار حامضية أوإنبعاثات الغازات الدفيئة، إنعدام احتمال حدوث تفاعل متسلسل سريع الإنطلاق، نواتج عرضية لا يمكن إستعمالها لصنع الأسلحة، ومشاكل أقل بالنسبة للتخلص من المخلفات.

الهوامش المرجعية:

ª فرانسيس أستون (1877-1945م): كيمائي وفيزيائي بريطاني، اخترع جهاز المطياف الكتلي mass spectrograph المستخدم في قياس الكتل الذرية النسبية والتواجد النسبي للنظائر وكذلك لأغراض للتحليل الكيميائي ودراسة التفاعلات الأيونية. نال جائزة نوبل في الكيمياء عام 1922م.

ª هانس بيته (1906-2005م): فيزيائي الماي - أمريكي حاز على جائزة نوبل في الفيزياء عام 1967م عن نظريته في التشكل النووي النجمي stellar nucleosynthesis. عمل على تطوير أولى القنابل الذرية، كما لعب دورا بارزا في تطوير القنبلة الهيدروجينية - رغم أنه انضم إلى المشروع أملا بإثبات استحالة صنعها بالأساس. وصف بأنه «أبرز حلال للمسائل في القرن العشرين» .