أذكر أنه وخلال زيارة للرئيس “بن بلة” إلى ولاية "بسكرة" رفقة فرقة فنية مصرية استدعى العقيد "شعباني" للقائه ،وخلال ذلك اللقاء كان حديث بيني وبين العقيد "محمد شعباني" الذى قلت له :" إنني أشعر بإرهاق وتعب شديدين، وعملي في الرئاسة فوّت علي الكثير، حتى الزواج لم أستطع إتمامه..  وأنا أفكر حاليًا في ترك منصب عملي في الرئاسة وطلب التحويل نحو وزارة الخارجية من أجل أن أرتاح قليلاً ولكى أتفرغ أكثر لأموري العائلية ..."، فردّ عليّ العقيد " محمد شعباني" قائلاً:" يا سي رابح لو غادرت إلى وزارة الخارجية فأنت ليس لديك ضمير.." ، فقلت له:" "آه يا سي محمد، أنا ليس لديَّ ضمير ؟؟ " ، فأجابني قائلاً :"أنا لم أقل لك ليس لديك ضمير ، وانما قلت لك لو تفعلها وتنتقل للعمل في وزارة الخارجية فأنت حينئذً لن يكون لديك ضمير.. لا يجب أن نخرج من الجزائر ونتركها للحركى، ولأولاد العُملاء" .

كما قلت سابقًا للأسف زيادة على النصائح المغشوشة الخاصة بالتعيينات التي كانت تقدم للرئيس “بن بلة”، كانت هناك نصائح قدمت من طرف نفس الجهات لإبعاد عناصر وطنية مُجاهدة نظيفة مفيدة، وبعبارة أدَّق، فإن الإخلاص في العمل أصبح يجلب لصاحبه العقاب والإبعاد والطرد من العمل دون مُبرر ومن غير أسباب، والدليل القاطع على صحة ما أقول، ما وقع للعقيد محمد شعباني الذى  قبض عليه و الذى أعدم فيما بعد، وقُتل ظلمًا لأنه كان الوحيد من قادة الولايات التاريخية إطلاقًا و من ضباط جيش التحرير الوطني الذي تتوفر فيه حقيقة صفة القائد والضابط المجاهد ثقافة وأخلاقًا ووعيًا وإدراكًا، في حين أن الآخرين الذين كانوا يقودون ولايات، لا يستحقون أبدًا تلك الصفة لأنهم في معظمهم إن لم أقل كلهم من  الأميين، إضافة إلى سيرتهم السيئة، وأن معظمهم وصلوا إلى الرتب التي حصلوا عليها بطرق لا تمت بصلة إلى الجهاد، وهذا ما ستذكره الدراسات التاريخية في المستقبل إن شاء الله.

وهكذا و بعد ذلك فان كل طرف يقول أنه ليس هو المسؤول عن قضية اعدام العقيد " محمد شعباني" ، ونحن لا نستطيع تحميل المسؤولية للرئيس "بن بلة" وحده.

 لقد كنت أتعجب وأتألم في آن واحد وأنا أسمع إلى بعض الذين تسربوا إلى رئاسة الجمهورية وهم يقهقهون ويصفون العقيد "محمد شعباني" بالخائن بعد قتله وهم الذين كانوا قبل أياماً قلائل قبل ذلك يغرقونه بالمدح والإطراء !!

أذكر أن أحدهم قال لي: " ما رأيك في إعدام شعباني؟ " فأجابته على الفور:" أقول لكم بشجاعة الرجال .. لقد انتهى “بن بلة”  .." فقال لي أحدهم: " أجُننت يا هذا ؟ " فقلت:  "لا فأنا في أتم قواي العقلية، وستثبت الأيام رأيي هذا أو تنفيه ".

و بالفعل وصل كلامي ذلك إلى الرئيس “بن بلة”  الذي استاء منه كثيرًا، خاصة وأنني تعمدت عدم مقابلته أثناء تلك الأيام التي فقدت فيها أعز صديق كنت أستعين به باستمرار في المواقف التي أتخذها بالنسبة للقضايا الوطنية خاصة، والقضايا العربية والإسلامية.

للتاريخ فإنني أردت في هذه الصفحات أن أسجل موقفًا واحدًا خاصًا بالجيش الجزائري و أن أترك الباقي إلى فصل آخر.