أكبر تحدً تواجهه في موازنة الصناديق الثلاثة هو أنه كلما حققت نجاحاً في الصندوق1، زاد احتمال الصعوبات التي يمكن أن تواجهها في تصور إستراتيجيات الصندوق3، وإحراز تقدم فيها. ففي العادة، لا تنشأ "شرك النجاح" من إهمال متعمد، بل تنشأ من القوة الساحقة للنجاح الذي تحقق في الماضي. إن أكثر التأثيرات لشرك النجاح هو تشجيعه لصاحب العمل علي تصور أنه يعرف بالفعل ما يحتاج إلي معرفته كي ينجح في المستقبل. وهذا غير صحيح، فالمؤسسات التي لا تتعلم أشياء جديدة باستمرار تموت.مثل أغلب أشكل الترفيه الشائع، تنافس شركة هاسبرو في "الصناعات التي تعتمد علي الطفرات"، وذلك بإطلاقها للعديد من المنتجات الجديدة علي أمل أن يحرز منتج أو اثنان نجاحاً كبيراً، وبمرور السنوات، حصلت شركة هاسبرو علي نصيبها من النجاح الأسطوري(بمنتجات مستر بوتيتو تجاري متنامٍ؛ لكن حتي قبل عشرين عاماً مضت، كانت الشركة تعتبر نفسها مصنعة لألعاب ودمي لأسواق بيع التجزئة.الخطر الناتج عن نوعية عمل شركة هاسبرو التجاري هو أنه من المحتمل أن تصبح راضية عن نفسها، وتركن إلي أمجاد الماضي، وقد تفشل في ملاحظة التغيرات التي يمكنها تهديد نموذج عمل كان آمناً من قبل. وهذا هو السبب في أن المؤسسات يجب أت تطور قدرة الصندوق2 علي التغلب علي تأثير الماضي، بأن تتخلص من عمل معين لصالح عمل آخر. وبناء علي ما قيل، فهناك شيء واحد تهدف شركة هاسبرو إليه وهو ترك إرث من الطفرات الإنتاجية المفاجئة والمذهلة، وهذه الشركة التي أسسها ثلاثة أشقاء في العشرينات، لقبوا بالإخوة "هاسنفليد"، بدأت عملها التجاري في تصنيع مخلفات أقمشة المنسوجات، وسرعان ما تحولت إلي تصنيع الأقلام وغيرها من المستلزمات المدرسية. وعندما ارتفعت أسعار مستلزمات صناعة الأقلام التي تنتجها، بدأت الشركة في تصنيع أقلامها الخاصة، وكان مشروعاً ناجحاً استمر حتي الثمانينيات، ونتجت عنه أرباح أسهمت في إنشاء منتجات ومشروعات أخرى. وتزامنا مع ثورة البلاستيك في فترة ما بعد الحرب في الأربعينيات، بدأت الشركة إنتاج أول لعبة أطفال (وهي طقم أدوات للطبيب والممرضة يتكون من سماعات الطبيب، ومقياس للحرارة، ومحقنة)، كما أنتجت دمية مستر بوتيتو هيد لأول مرة عام 1952 قد تواجه الشركات الأقل تغيراً في الأحوال من شركة هاسبرو تحدياً شديداً في تطوير مبادئ الصندوق2 الخاص بهم. ويتشكل عادة العمل علي الصندوق1، المبني علي نجاح حقيقية، ومتطلبات الحفاظ عليها مستمرة، فمن خلال وضع مبادئ محددة، تبدع الشركات أنظمتها وعملياتها وثقافتها. وتشكل هذه البني الطريقة التي تتعامل بها المؤسسة مع جميع المتطلبات: كيفية التوظيف والترقية والاستثمار وقياس الأداء ووضع الإستراتيجيات وتقييم الأفكار والفرص. تميل الأفكار الخطية (التي تتطابق مع الماضي ) لأن يتم تبنيها بسهولة، في الوقت الذي تميل الأفكار الخطية (غير المتطابقة، ولذلك تعتبر مشكوكاً فيها وتنذر بالخطر) لأن تُرفض بسهولة. أحد المعاني الضمنية العملية هي أن صاحب العمل لا يريد تشتيت فرق عمل الصندوق1 بعيداً عن أهدافها، وهم أيضاً لا يريدون أن يشتتوا عنها. فقد أخبرني "ترابر ماركلز" المدير العام لبرنامج الحفاظ علي الصحة في بوسطن، بالوقت الذي حاولت فيه شركته استخدام فريق المبيعات "الأساسي" لبيع منتج جديد تماماً: في عام2014، أنتج فريقي المتفاني في الصندوق3 منتجاً جديداً قوياً. في البداية، استخدمنا فريق مبيعات (من شركة أخرى)، ولكن الفريق لم يعط الأولوية لمنتجنا؛ لأنه استهدف قطاعات مختلفة من العملاء بنقاط سعر مختلفة، فقبل تعلم طريقة تفكير الصناديق الثلاثة، آمنت أن المشكلة تتعلق بالتدريب. وبعد التفكير في الصناديق الثلاثة، أصبحت مدركاً للتحدي: فطالبت وحدة العمل فريق المبيعات بأن بقوم باستخدام (صندوق3) مختلف، بينما طلبت بقية الشركة من فريق المبيعات أن يقوم بمزيد من الاعتماد علي (الصندوق1). لا يمكننا أن نتوقع منهما القيام بكلا الأمرين، واقترحت علي المدير التنفيذي أن نمول تشكيل فريق مبيعات وتسويق منفصل خاص بوحدة عملي. هذه هي المصيدة التي يمكن أن يوقعنا فيها نجاح الماضي؛ حيث إن الأفكار التي تختلف فعلياً عن التي اعتدناها تكافح دائماً من أجل أن تتأصل، وبقدر ما يمكن أن نبدي الولاء والاحترام الزائف لحقيقة أن المستقبل سوف يختلف كلياً عن الماضي، فإننا غالباً نتصرف كما لو أن المستقبل لن يختلف عن الماضي. لو كانت شركة هاسبرو مستمرة في اعتبار نفسها مصنعة لدمى ألعاب الأطفال، التي تقتصر علاقتها علي العملاء في منافذ بيع التجزئة، لما أصبحت الشركة الناجحة التي هي اليوم، ففي العقود اللاحقة، غيرت شركة هاسبرو من وضعها بالتخلص من سلوكياتها القديمة، وهذا ضمن أسباب كثيرة جداً الصندوق2، الذي تقود آلياته بوضوح إلي مصائد النجاح، محفزاً مهماً علي إبداعات الصندوق3 . وفيما بعد سوف ترى في مثال عن شركة يونيتد رينتالز (الفصل الرابع)، أن مبادئ الصندوق2 قد تكون مفيدة أحياناً في المساعدة علي إعادة تصور تصور الطريقة التي ينفذ بها محرك أداء الصندوق1 العمل الأساسي.