دراسة اللغة المصاحبة إنها "|لنغمات" وكذلك "|لكلمات"
"من لا يستطيعون سماع الموسيقى يظنون أن الذين يرقصون مجانين".
فريدريك نيتشه 
ظل العلماء في كلية لندن الجامعية يبحثون طويلاً حول أحد أكبر أسرار الكلام: الطريقة التي نستطيع كبشر من خلالها نقل المعلومات وإدراكها ليس فقط عبر الكلمات ولكن أيضاً من خلال الاعتناء بطبقات الصوت وإيقاع الكلمات.
ليس هناك ما هو أفضل من طبيعة الكلام البشري عدا المعلومات التي تحملها الكلمات يمكنك أن تعبر عن حالة الشخص المزاجية، أو نوعه، أو سنه، أو بلد نشأته.
وقد أظهر علماء الأعصاب بجامعة كاليفورنيا باستخدام تقنيات مسح المخ بالرنين المغناطيسي الوظيفي كيف يستقبل المخ الكلام ويقسمه إلى جزأين
أساسيين هما: الكلمات و النغمات (أي طبقات الصوت المتنوعة للكلام، والتي تكشف عن الحالة المزاجية والنوع وعوامل أخرى)- وتشير الدراسات إلى أن الكلمات تتم معالجتها داخل الفص الصدغي الأيسر، المخصص للمعالجة، أما النغمات فتعالج داخل الجانب الأيمن من المخ في المنطقة التي تحفزها الموسيقى. 
إن اللغة المصاحبة هي الموسيقى أو النغمات المرافقة للكلمات التي تقال.
وعلى هذا النحو فإنها تشير إلى مشاعر المستقبل نحو الرسالة التي يتم تسليمها، والتي تمثل ما يقرب من ٤٠/ من معنى رسالتك، وذلك وفقاً للدراسات البحثية. وهذا يعني أنه عندما نفك شفرة المشاعر، فإننا نعتمد على طريقة التحدث بدرجة تفوق اعتمادنا على محتوى الحديث ذاته.
لذلك عندما نتحدث عن دراسة اللغة المصاحبة فإننا نشير إلى عناصر الكلام بصرف النظر عن الكلمات نفسها؛ وبعبارة أخرى ؤ!)، المظاهر غير الدلالية المتعلقة بالكلمة المنطوقة.
هل أنت على علم باللغة المصاحبة التي تستخدمها؟ كيف ينظر الناس إلى خصائصك الصوتية، أي إلى حجم صوتك، ونبرته، ووتيرة حديثك، وطبقات صوتك؟
٠ حجم الصوت - الصوت المرتفع يمكن أن ينظر إليه باعتباره مهيمناً. بينما يعتبر من يتحدث بصوت مخفض متزعزعاً أو خجولاً/ أو يفتقر إلى الثقة. إن تغيير حجم صوتك بحيث يكون مناسباً للموقف هو من عناصر اللغة المصاحبة سهلة التغيير. 
٠ نبرة الصوت - إن نبرة الصوت مهمة أيضاً. وهي تتعلق بمدى حدة ارتفاع أو انخفاض صوتك؛ فانخفاض النبرة يعطي الانطباع بأنك أكثر ذكورية، ويعتمد عليك، وأهلاً للثقة، في حين أن النبرات الحادة ترتبط بالإناث أكثر، وتوحي بأن صاحبها مراع وودود. أما النبرة الحادة للغاية فقد تعطي انطباعا بأن صاحبها صغير السن، أو عديم الخبرة، أو عصبي، أو يفتقر إلى الأمان.
يعبر الصوت بقوة عن مشاعرنا وعواطفنا بسبب النشاط الفسيولوجي داخل الجسم. على سبيل المثال، قد تزداد وتيرة حديثك في الوقت نفسه الذي تضيق فيه حنجرتك عندما تكون في حالة متوترة أو عصبية، ما تنتج عنه نبرة صوت أكثر حدة
٠ طبقات الصوت أي الطريقة التي تختارها لاستخدام النغمات في كلامك. إن التحدث بطلاقة وراحة يتضمن عنصرا لحنياً يجعل من الاستماع إلى صاحبه أمراً سهلاً ممتعاً؛ فالارتفاع والانخفاض في نبرة الصوت يضفيان مزيداً من التركيز على رسالتك ويجعلانك تبدو ودوداً وقريباً للقلب ومثيراً للاهتمام ومؤنساً. الناس الذين يتحدثون برتابة يعتبرهم الآخرون مملين. إذا كان صوتك مملأ، فسيفترض معظم الناس أنك ممل!
٠ وتيرة الحديث - إن وتيرة الحديث التي تتحدث بها لها تأثير كبير على مدى وضوح رسالتك وكذلك على كيفية سماع الآخرين لصوتك. عادة، كلما تحدثت  بوتيرة أسرع، ارتفعت نبرة صوتك. وقد يعتبرك الآخرون بناء على ذلك شخصاً قلقاً، أو عصبياً، أو متوتراً.
إن الإسراع بوتيرة الحديث هو رد فعل طبيعي لما يشعر به الشخص من عصبية أو قلق. فكلما أسرعت بقول كل ما لديك من كلمات، أمكنك إنهاء التجربة الكريهة التي تمر بها (الجلوس في غرفة واحدة مع شخص كريه يجري معك مقابلة شخصية، أو مع شخص لا تحبه، أو أمام .جمهور تلقي أمامه خطاباً).
وهناك مشكلات خاصة بالإبطاء بوتيرة الحديث كذلك: إذا كنت تتحدث ببطء شديد فسيراك الآخرون مملأ أو جاهلاً أو تفتقر إلى الكفاءة. ما قد يؤثر على المحادثة ويجعلها رتيبة، فيترك مزيدا من الوقت أمام المستمع كي يشرد بأفكاره ويفقد اهتمامه بك.
إنك بالطبع سمعت هذه المقولة من قبل: الأمر لا يتعلق بما تقوله فقط، ولكن بكيفية قولك له. ويشير خبراء علم الأصوات إلى أن بعض المشاعر يمكن أن تفلت تتسرب من خلال الصوت. 
جرب ما يلي قل العبارة التالية بنغمات صوت مختلفة:
"هل تريد مني الذهاب؟''.
لقد كتبت بالخط العريض الكلمة التي تحتاج إلى التأكيد عليها بينما تقولها:
٠" هل تريد مني الذهاب؟".
٠ ’’هل تريد مني الذهاب؟’’.
٠ ’’هل تريد مني الذهاب؟’’.
٠’’هل تريد مني الذهاب ؟’’.
(هل فهمت المعاني الأربعة الممكنة المختلفة؟)
ويرتبط الصوت البشري ارتياطاً وثيقاً للغاية بالمشاعر، بل إن أنماط التنفس تتغير تحت الضغط؛ فالعضلات تتوتر وتمنع الرئتين من أن تعملا بكامل  طاقتهما حيث يحدث فرط التنفس عندما تكون تحت الضغط. وبالرغم من أنك لا تزال تستنشق الكثير من الهواء؛ فلأنك تتنفس بسرعة، لا يكون هناك ما يكفي من الوقت للزفير والاسترخاء.
في بعض الأحيان، تجد ممثلاً يتقن صوت الشخصية التي يمثلها على النحو الصحيح ، ما يجعلك مفتوناً به تماماً؛ لأن الكلمات التي يتفوه بها تحمل المعنى الذي يأسرك. أتذكر قراءتي عن أداء الممثلة جودي دينش في أحد الأفلام:
"... إنها تتقمص الدور الذي تلعبه ببراعة، تاركة المتفرج متأكداً من أنه لا أحد آخر يمكن أن يصلح للدور".
لذلك، ولأن كيف نقول ما نقوله أمر بالغ الأهمية في تفاعلاتنا، فإن نغمة الصوت تصبح أهم مميزاته، والسبب في ذلك هو أنها تعطي إشارة على موقفنا خلال وقت الحديث.
عليك فقط أن تفكر في الأصوات التي تجدها مريحة ومثيرة للاهتمام والتي تستمع إليها في حياتك الشخصية والمهنية اليومية. ما الذي يميز مذيعي المذياع وضيوفه بحيث تجدهم جذابين؟ ما عناصر اللغة المصاحبة التي تريد محاكاتها؟
تذكر أن لصوتك وطريقة حديثك القدرة على تحفيز، وإقناع، وجذب، وإثارة اهتمام من أمامك وكذلك إلهامه وجعله يثق بك. وعلى النقيض فإن لديه أيضا القدرة على تشويه الرسالة ونقل الانطباع الخطأ.
اعلم جيداً ما يمكنك القيام به للتأكد من أنك تعطي الانطباع الصحيح من خلال طريقة حديثك