مما يزيد الأمر سوءا بالنسبة لأغلب المراهقين هي حقيقة أن سنوات
مراهقتهم تمتد لفترة كبيرة للغاية. المراهقة بالنسبة لكثير من الصغار
ليست فقط الفترة من الثالثة عشرة وحتى الثامنة عشرة من العمر، إنها
تتضمن بالفعل السنوات من سن الحادية عشرة (سن بداية البلوغ لدى عديد
من الفتيات) وحتى سن الثانية والعشرين (الانتهاء من الكلية) أو حتى أطول
من ذلك. خلال تلك السنوات، قد يكون الشاب أو الشابة ما زالا يعتمدان على
البالغين الأكبر سنا للحصول على الطعام والمأوى والملبس والدفء بالإضافة
إلى بعض التوجيه والإشراف (غير المرغوب فيهما في الأغلب) . هذه الحالة
الاعتمادية قد تستمر حتى على الرغم من كون هذا الشاب لديه المقدرة
البيولوجية والعقلية على تدبر مزيد من الأمور بمفرده.

من بين جميع الحيوانات على وجه الأرض، يقضي البشر أكبر جزء من مدى
عمرهم الإجمالي (تقريبا من الربع وحتى الثلث) مع والديهم قبل تحقيق
الاستقلال النهائي. تعيش الحشرات والأسماك والطيور وحتى القرود مع
والديها لمجرد جزء نسبي من الوقت الذي يعيشه نسل البشر مع والديهم.

هل تتذكر؟    أغنيتك المفضلة عندما كنت في الثالثة عشرة؟ مشاعرك أثناء تناول العشاء مع والديك والعائلة؟ أفكارك عن الجنس الآخر؟ وأفكارك عن الوظيفة المهنة؟

ومن بين جميع البلدان على وجه الأرض، تبقي الأمم الصناعية والحديثة
بالأكثر -مثل الولايات المتحدة الأمريكية- أطفالها تحت قدميها لأطول مدة من
الوقت. فترة الاعتمادية الممتدة والصعبة هذه هي نتيجة للوقت الممتد المطلوب
لتعليم الأطفال من أجل الوظائف الأكثر تعقيدا ومهارة، والتي هي سمة الدول
الصناعية. توجد أولاً الشهادة الثانوية ثم ربما شهادة البكالوريوس أو
الجامعية. ثم ماذا عن شهادة الماجستير في إدارة الأعمال أو الدكتوراه أو
الدكتوراه في الطب أو الماجستير في العلوم أو شهادة البكالوريوس في
التمريض أو الدكتوراه في القانون؟

لم يكن الوضع هكذا دائما. أوضح علماء الإنسانيات منذ زمن بعيد أن التنقل
من مرحلة الطفولة إلى مرحلة النضوج في المجتمعات الأبسط كان أقصر في
الوقت عاد؛، وفي عدد قليل من الثقافات كانت المراهقة بالكاد موجودة على
الإطلاق. يوما أنت طفل ثم فجأة! بعد احتفالية قصيرة أو طقوس العبور، تصبح بالغا -سواء كنت مستعدا أم لا- مع كافة الامتيازات والمسئوليات
الخاصة بالبالغين الآخرين في مجتمعك. إليك قاربك وسكينك وصنارة السمك
الخاصة بك؛ اذهب ونل منها!

هنود السيوكس، على سبيل المثال، قد صمموا بشكل دقيق طقوس العبور للذكور الذين من المحتمل أن يصيروا محاربين. تضمنت بعض من هذه الطقوس ثقب صدرك بآلات مثبتة بحبال تتدلى من عمود طويل. ثم يتدلى الشخص المنضم حديثا من الحبال ويرقص في الهواء حتى تقتلع الحبال من لحمه الممزق. هؤلاء الذين يتحملون الطقوس يعترف بهم بالتالي كمحاربين بالغين، يقدر أعضاء قبيلتهم الآخرين ويعجبون بشجاعتهم وجسارتهم ودورهم الجديد. ما مدة فترة المراهقة في هذه الحالة؟ بضعة أيام فقط. قارن هذه الأوضاع بأوضاع هولدن كولفيلد في رواية the Catcher in

the Rye. بعد ربما أربعة أو خمسة أعوام من المراهقة، لا تكون لدى جولدن رؤية ذات مغزى عن الحياة، أو أصدقاء حقيقيون، أو رفيق روح، أو أفكار واقعية عن وظيفة أو مهنة ما، ولا يوجد لديه بالطبع استقلال اقتصادي أو حتى مكان ليعيش فيه، وليست لديه خبرة حقيقية عندما يتعلق الأمر بقضاء وقت ممتع. وقد اجتاز فقط تقريبا نصف أعوام مراهقته. لا عجب أنه يشعر بالقلق والاكتئاب.

لم يتعين على محاربي السيوكس أن يتحملوا هذا الوجود الذي ليست له نهاية أو غاية فيما يبدو. هذا على الأرجح أحد الأسباب وراء جاذبية الانضمام إلى الخدمة العسكرية بالنسبة لبعض الشباب والشابات اليوم، حيث إنه يمكن أن يقود إلى الاستحواذ على الشعور باحترام الذات والإعجاب الفوري من جميع من حولك تقريبا . لم يكن لدى هولدن سوى قبعة الصيد