ماذا لو أنهم لم يعجبوا بي كمدير؟

بالنسبة للكثيرين منا، تأتي أول خبرة في القيادة نتيجة للترقيات الداخلية وبعبارة أخري يلاحظ شخص ما وعادة يكون ذلك الشخص مديرنا إمكاناتنا ويتيح لنا الفرصة للإشراف علي الآخرين، وهذا يعني أنه يجب علينا أن نثير إعجابه بوجهنا نحو العمل، ومقدرتنا علي تحقيق الإنجازات، لأن الشركات لا ترقي إلا الأشخاص الذين يشعرون بأنهم لديهم القدرة علي تقديم عمل جيد للشركة.

إذاً لماذا يجد الكثير من المديرين الصغار أو الجدد أول دور إداري غاية في الصعوبة؟ بالمناسبة ، ينطق هذا الأمر أيضا علي مديرين أكثر خبرة، وقد تحدث عدد كبير منهم عن "متلازمة المحتال "، حيث يصفون جلوسهم في مكاتبهم خلف باب عليه لوحة مكتوب عليها الاسم ولقب جذاب، وبين أيديهم مصير مؤسسة بأكملها، بينما هم يتساءلون طوال الوقت:"هل لديهم أية فكرة عمن جعلوه المسئول هنا ؟

ليس هناك أحد سواي! ففي الحقيقة، هذا الشعور ينتاب كثيرًا من الناس ممن بداخلهم قدر صغير من التواضع، وأعتقد أنه ما دام هذا الشعور لا يصيبك بالشلل التام، فإنه شعور جيد، حيث إنه يجعلك تفكر في الأشياء الصغيرة، ويظهر أنك مدرك للمسئوليات التي بين يديك.

وعندما عمّ الهدوء في المكتب في أثناء سيري، افترضت أنهم كانوا يتحدثون عني . يا له من غرور !

لكنني كدت أن أكون محقاً، كما افترضت أنهم لم يقولوا شيئاً جيداً عني، وكنت محقا في ذلك أيضاً.

هل كان الأمر مهماً؟ كان الأمر مهما بعض الشيء في ذلك الوقت، فقد كنت جديداً في هذا المنصب، ولم أكن قد تلقيت تدريباً أو دعماً بأية طريقة تذكر بعد، كما أنني صراحة كنت أريد أن أكون محبوباً.

لذلك كان الأمر مهما بالنسبة لي، وكنت أشعر بالقلق تجاهه، وكنت أشعر بقدر من عدم الارتياح يكفي لأن أحاول جعلهم يحبونني، وبطبيعة الحال، لم يفلح الأمر؛ لأنك لا تستطيع أن تجعل الناس يعجبون بك .

كان هذا أول درس حقيقي في المجال الإدارية: بعض الأشخاص لن يعجبوا بك.

قد يكون السبب في هذا أنهم يريدون منصبك، أو أنك لا تزال مديراً غير جيد أو قد يكون هذا هو النظام الطبيعي للأمور.

 وجزء من دورك كمدير أن يدور كلام حولك أو تتعرض للانتقاد أو حتى السخرية، هل تستطيع القول بكل صدق إنك أنت نفسك لم تفعل ذلك من قبل؟ أو حتى لا تزال تفعله حتى الآن؟

اعتقد ذلك، ومع ذلك لا أحد يجب أن يكون مادة حديث، أو أن يُنتقد بطريقة سلبية.

إذن كيف نتصرف حيال الأمر ؟

إن الدرس الذي تعلمته من تلك الخبرة (وهو مؤلم في بادئ الأمر، مثل الكثير من الإجابات الصحيحة) هو أنه بالرغم من أن الشعور بأنك محبوب دائما ما يكون أكثر بهجة من الشعور بأنك مكروه ،فإن كونك محبوبا لا يمت للإدارة الفعالة بصلة، بل كل ما تحتاج إليه كمدير هو الاحترام أكثر من المحبة.

بكل وضوح يجب أن يُكتسب الاحترام أكثر مما ينتظر، لكن السلوكيات التي تجلب لك الاحترام تختلف تماماً عن تلك التي قد تغريك في استخدامها إذا كنت تسعي لأن تكون محبوباً، فالسعي وراء الشعبية، وميلك للاندماج مع الآخرين، سيؤديان إلي سلوكيات غير مجدية، مثل الاستجابة إلي طلبات غير مبررة، ومخالفة القوانين، أو تقديم أشياء دون مقابل.

للأسف لن تجعل تلك التصرفات منك شخصًا محبوباً، بل ستجعلك ترى وكأنك شخص ضعيف الاسترضاء لن يفلح أبداً!

ويكتسب الاحترام بالتدريج ؛ حيث يكتسب من خلال الصفات مثل الثبات، والنزاهة، والأمانة، ولا شيء منها يضمن لك الشعبية لكن كلها أساسية في النهاية لتكتسب ثقة الآخرين.

والقانون الحديدي له تأثير هنا، وهذا القانون هو: في الوقت الذي تتوقف فيه عن الشعور بالقلق نحو أمر ما، فإن هذا الأمر لم يعد ذا أهمية بالنسبة لك، وسيتوقف عن التأثير عليك.

ومن الناحية الأخرى، كلما كنت مهووسا بأمر ما، زادت أهميته عندك، حتي يسيطر علي تفكير بشكل كامل، ومن ثم ستفعل الشيء الذي تحاول أن تتجنبه.

 لكن اسمح لي بأن أوضح لك هذه العملية بعض الشيء.

سيجعلك القلق بشأن كونك غير محبوب تشعر بالحساسية تجاه أي تجاهل طفيف، ومن ثم تبدأ في البحث عن المشكلات غير الموجودة، أو المبالغة في الصعوبات الموجودة.

وبسبب أنك تصدق أن شيئا ما حقيقي، ستبدأ في البحث عن الدليل الذي يدعم معتقداتك، ومن المؤكد أنك عندما تسعي بحثاً عنه ستجده ، وعندما تجده، سيؤثر عليك بدرجة أكبر، ومن ثم سيؤدي إلي تدمير احترامك لذاتك، وبالتالي سيضعف ثقتك بذاتك، وسيؤدي إلي الشعور بعدم الأمان، والكثير من السلوكيات غير المجدية في الدور الذي تقوم به، وهكذا يدمر الأشخاص أنفسهم، بإحداثهم للأشياء نفسها التي كانوا شديدي الحرص علي تجنبها.

وفي مجالات أخري في الحياة، هذا هو السبب وراء أن الشخص الذي يشعر دائما بالوحدة غالباً ما ينتهي به المطاف وحيداً، أو أن الشخص دائم القلق بشأن المال لا يحصل علي ما يكفيه منه.

إن الحل الوحيد للخوف من عدم تحليّك بالشعبية بين طاقم العمل أو الزملاء، هو أن تقبل الأمر كما هو كمرحلة طبيعية لتطورك وتطورهم أيضاً، وفي أثناء بناء علاقتك، سيرونك علي صورتك الحقيقية، لا علي الحكم المسبق الذي أصدروه عليك.

لقد كانت نقطة التحول بالنسبة لي في تلك السنين الماضية، عندما قررت أنه إذا أراد شخص ما التحدث عني، فإنني أفضل أن يفعل ذلك لأنني كنت أفعل ما أراه صحيحاً، وليس محاولة لإرضائهم.

ومن المفارقات، استنادا إلي "القانون الحديدي" الذي سبق شرحه أنه في اللحظة التي توقفت فيها عن الشعور بالقلق عما يعتقدون، تحسن كل شيء؛ حيث سيتواجد دائماً ذلك الشخص الذي لن يكون من أكبر معجبيك، ولكن ما دمت تفعل ما تراه صحيحًا، حينها سيكون حل هذا الأمر بمثابة السهل الممتنع!

ما من أحد يستطيع أن يشعرك بالدونية دون موافقتك
"إليان روزفلت"