محتويات

قوة الحديث الذاتي:

تشير الأبحاث إلى ان الشخص المتوسط لديه قرابة 50.000 فكرة يومياً. هل يبدو ذلك كثيراً؟ إن الأمر لا يتوقف على هذا. ففي كل مرة تخطر فكرة – من مجموع 50.000 فكرة – لدى الشخص يتم إفراز مواد كيميائية في الدماغ تعمل على حث التفاعلات التي تستشري عبر الجسد.

 وهناك علاقة وثيقة بين ما تفكر فيه وما تشعر به، على الصعيدين البدني والشعوري. ولأن الإنسان يفكر بشكل دائم (مثلما يتنفس بشكل دائم) فإنه ينسى أنه يقوم بذلك. ومن المحتمل ألا تلاحظ كيف أن أفكارك تملي عليك مشاعرك كل ساعة طوال اليوم.

أما محاولة إدراك وملاحقة كل فكرة لديك لترى أثرها سواء كان سلبياً أم إيجابياً على حالتك الشعورية، فذلك درب من المستحيل. إن أكثر الأفكار تأثيراً هي التي تتحدث فيها إلى نفسك.

أصواتنا الداخلية التي تراقبنا:

وعلى الرغم من أنك قد لا تلاحظ وجود تلك الأفكار لديك، فإن كل شخص منا لديه صوت داخلي يصيح داخل عقولنا ويؤثر على إدراكنا للأمور. فنحن نخبر أنفسنا بأن نهدأ، ونهنئ أنفسنا على روعة الأداء في وظيفة ما، ونوبخ أنفسنا لاتخاذنا القرارات السيئة.

إن أفكارنا "تتحدث" إلينا كل يوم، ويعرف ذلك الحديث الدائر في الداخل بـ "حديث الذات".

وعبر الأفكار – التي تعد الوسيلة الأساسية لتنظيم تدفق مشاعرك – فإن ما تسمح لنفسك بالتفكير فيه قد يدفع المشاعر للظهور على السطح، أو تخزينها في الأعماق، ومن ثم تمتد الخبرات الشعورية وتصير أكثر حدةً.

المشاعر وحديث الذات:

وعندما تسيطر عليك حالة اهتياج المشاعر، فإن أفكارك تعمل على إذكاء النار المضطرمة أو تهدئتها. أما عندما تتعلم كيف تمسك بزمام حديث ذاتك، فيمكنك بذلك أن تصب تركيزك على الأمور الصحيحة، وتدير مشاعرك على نحو أكثر فاعلية.

في كثير من الأوقات يغدو حديثك الذاتي أمراً إيجابياً، ويساعدك خلال يومك ("يستحسن أن أستعد للاجتماع"، أو "أنا حقاً أتطلع إلى العشاء بالخارج الليلة".

خطورة الحديث الذاتي السلبي:

لكن متى أصبح حديثك الذاتي سلبياً فإنه يلحق الضرر بقدرتك على إدارة الذات في أي وقت. فحديث الذات السلبي أمر غير واقعي وينطوي على تثبيط عزيمة الذات، فقد يلقي بك في دوامة شعورية تحول بينك وبين ما تتطلع إليه في الحياة.

كيف تضبط حديثك الذاتي:

وفيما يلي أكثر أنواع حديث الذات السلبية شيوعاً بالإضافة إلى حلول لاستعادة السيطرة عليها، وتحويل دفتها إلى الاتجاه السليم:

  1. قم بتغيير عبارات: أنا دوماً، أو أنا لا أفعل هذا أبداً إلا هذه المرة فحسب أو في بعض الأحيان.
    تتحدد أفعالك وفق الوقف الذي تواجهه، ومهما بلغ بك التفكير غالباً فإنك تخطئ. لكن عندما تبدأ في التعامل مع كل موقف على حدة، وتتوقف عن تأنيب نفسك على كل خطأ، فإنك بذلك ستتوقف عن تضخيم حجم المشكلات أكثر من طبيعتها.
  2. استبدل عبارات إطلاق الأحكام مثل: أنا أحمق، بعبارات واقعية مثل: لقد ارتكبت خطأً.
    إن تلك الأفكار التي في فئة ثابتة لا تتيح أي فرصة لتحسين الوضع. أما العبارات الواقعية فتتسم بالموضوعية وتتعلق بالموقف، وتساعدك على التركيز فيما تستطيع تغييره.
  3. تحمل مسئولية أفعالك وليس أفعال الآخرين.
    إن حديث الذات السلبي والتوبيخ وجهان لعملة واحدة. إذا كنت من هؤلاء الأشخاص الذين يعتقدون أن المسئولية بأكملها تقع على عاتقهم، أو أنها مسئولية الآخرين فحسب، فأنت – على الأرجح – مخطئ في أكثر الوقت. تحملك مسئولية أفعالك أمر مجدٍ، لكن أن تتحمل أوزار شخص آخر فذلك أمر غير مقبول. وعلى نفس النحو، إذا كنت تسعى لتوبيخ الآخرين على الدوام، فقد حان الوقت لتتولى المسئولية عما يخصك.