" نستمر في الماضي قدماً، وفي فتح أبواب جديدة، والقيام بأمور جديدة؛ لأننا نشعر بالفضول، وذلك الفضول هو الذي يقودنا نحو تلك المسسارات الجديدة "

والت ديزني                                        

كان " ستيوارت" هو أصغر أخوي أمي منها في السن. وعندما كانوا أطفالاً، كانوا يعيشون في منزل جميل بالقرب من ويلسدين في شمال لندن. وفي صباح أحد الأيام، في لحظة حماسة طفولية، انتقص " ستيوارت" من جمال المنزل، من خلال قيامه بتوسيع ثقب صغير في جدار غرفة نومه باستخدام قلم رصاص. وبعد أن أنهي لعبه، أصبح الثقب ملحوظاً جداً. لقد كان ملحوظاً لدرجة أن " ستيوارت" المسكين حُرم من تناول العشاء. وفي صباح اليوم التالي، تم الاتصال بمهندس الديكور، الذي حضر بسرعة وأصلح الضرر، فأصبح لا يُري له أثر تقريباً. ولم يحدث أي ضرر طويل المدي، بل تم إصلاح الحائط، وسُمح ل" ستيوارت" بتناول الفطور.

كان كل شيء يسير علي ما يرام إلي ما بعد ظهر ذلك اليوم، حيث ظهر ثقب أكبر كثيراً في المكان نفسه الذي أُصلح فيه الثقب الأصغر مؤخراً، وهذا ما أثار دهشة جدي وجدتي. يا ل " ستيوارت" المسكين، لقد أورده الفضول المهالك؛ فقد تبين أنه قرر البحث عن الثقب الأول؛ لذلك أخذ يحفر ثقباً جديداً ليكتشف ماذا حدث للثقب الأول.

وبينما كان " ستيوارت" يكبر، كثيراً ما كان غير تقليدي بدرجة ما. وعندما كنت طفلاً، كان يلهمني، ويستمع دائماً إلي خططي المجنونة، ويشجعني علي التفكير بشكل مختلف. وهو رائد أعمال بالفطرة ومحاسب بالتدريب. ولا أعتقد أنه أراد أن يصير محاسباً، ولكن كان ذلك هو الطريق  " الأفضل" بالنسبة إليه. والآن، بعد مرور كل هذه السنوات، أنا واثق بأنه رأي فضوله وإبداعه الضائعين من خلالي عندما كنت طفلاً، وكان لا يتوقف قط عن الاحتفاء بتفكيري ومسيرتي.

وأنا أعلم أنني كنت في أقصي درجات المغامرة عندما كنت طفلاً، حيث كنت أتساءل باستمرار، وأخوض التحديات، وأستكشف، وأتجاوز الحدود. وكما هي الحال مع جميع الأطفال الصغار، في الرابعة من العمر، تعمل أمخاخنا بضعف نشاط أمخاخ البالغين، وتظل تعمل بهذا المعدل الاستثنائي حتي سن العاشرة تقريباً، وحينها يبدأ المعدل يتبطأ. ويصل إلي مستوي مستقر عند 16 عاماً تقريباً، عندما يبدأ المخ يعمل بمعدلات البالغين الأصحاء. وفي مرحلة الطفولة، يحرق المخ كميات كبيرة من الجلوكوز التي تتجاوز كثيراً معدل الحرق عند البالغين؛ لأنه لا بد من أن نحافظ علي تريليونات الوصلات بين الخلايا العصبية في المخ، تلك الأجزاء الصغيرة التي تنقل المعلومات.وكلما تقدمنا في العمر، توقفت الكثير من الوصلات عن العمل لأننا نحافظ فقط علي تلك الوصلات التي نستخدمها بانتظام، بحيث نحرق نسبة أقل من الجلوكوز للحفاظ علي وظيفة المخ. وبحلول فترة البلوغ، يستخدم المخ عدداً أقل من نصف عدد الوصلات  العصبية التي كنا نستخدمها في أثناء الطفولة.

وكما ذكرت في مقدمة هذا الكتاب، فالأطفال يتعلمون بمعدل مذهل، أسرع كثيراً من البالغين، ويرجع ذلك بشكل جزئي ، كما ذكرت إلي امتلاكهم وصلات أكثر، ولكن الأمور تتغير كلما تقدمت بنا الحياة. فعندما نصبح بالغين، تكتمل القشرة أمام الجبهية في المخ، حيث يتم تخزين الذاكرة العاملة. وتعني القشرة أمام الجبههة المكتملة أن البالغين يتعرضون للتحجيم بما يعرف ب " الثبات الوظيفي" ما يجعل الكثير من البالغين يرون الجاروف مجرد