حسناً، اعترفي بذلك: أنت لا تطيقين صبراً على حدوث الحمل. ولعلك خططت لحياتك المهنية، وصرت الآن مستعدة لتكوين أسرة بالقدر نفسه من التنظيم وحسن الاطلاع، أو لعلك تحاولين الحمل منذ بضعة أشهر؛ وهي فترة كافية لجعل أي امرأة لا تطيق صبراً على ذلك. ولعلك متقدمة في السن بعض الشيء، وليس أمام متسع من الوقت للتأني بشأن مسألة الحمل. ولعلك تريدين إنجاب طفل في وقت محدد من العام بسبب التزامات معينة في حياتك المهنية، أو خطط تتعلق بالسفر، أو الابتعاد عن أطفالك لبعض الوقت، أو ربما لا تريدين لحدوث الحمل أن يأخذ وقتاً طويلاً لأنك بدأت تقلقين بشأن خصوبتك. وربما تريدين حدوث الحمل بسرعة لمجرد إبعاد زوجك عن الجنون.

عندما كنت أحاول الحمل، لم أجد أبدا كتاباً ممتعاً عن الحمل، مثل الحديث مع صديقة تعرف الكثير وأيضاً تضحك كثيراً. إن حدوث الحمل ليست مسألة طبية فحسب، ولكنها فسيولوجية، واجتماعية وحميمية، كما أنها تتضمن كمية هائلة من المشاعر؛ من القلق والاكتئاب والأمل والفرحة أيضا، ومحاولة الحمل تنطوي على قدر من المأساة والنشوة، فبدلاً من الائتناس بزوجك بعد العلاقة الحميمة، تضعين وسادة أسفل نصغك السفلي، وترفعين رجليك في الهواء وكأنك حشرة مقلوبة. وبعد أسبوعين، تحدقين إلى شريحة اختبار الحمل والغضب يتملكك، وتتمنين أن يظهر بها خط ثان، وتشعرين باليأس عندما لا يظهر. وهذه التجارب لا تنحصر فقط في العلاقة الحميمة، ولكنها مثل كثير من أحداث الحياة، مضحكة وتمتلئ بمشاعر فياضة في آن واحد.

قد تخبرك الكتب والمواقع الإلكترونية لأطباء الخصوبة (ذكور في العادة) عن أحدث الاختبارات، ولكن يبقى هناك الكثير من الأمور التي لم يتم ذكرها. فكم واحداً من أولئك الأطباء أيقظ زوجته لممارسة العلاقة الحميمة في الصباح لاعتقاده أنه وقت التبويض؟ كم واحدة منهن استخدمت - والتوتر يتملكها - شريحة اختبار الحمل في الخامسة صباحاً لأنها لا تطيق صبراً أكثر من ذلك، أو بكت دون إرادتها عند مجيء دورتها الشهرية؟

بالنسبة لزوجك، حسناً، أغلب الرجال لا يطيقون صبراً مثلنا، ولكنهم يفرغون طاقاتهم في ألعاب الفيديو والألعاب الرياضية الخاصة بهم، ناسين الأهمية القصوى لمخاط عنق المهبل واختبار الحمل. لو أمكن للرجال الحمل، لكانت هناك على الأرجح حلقات أكثر من برنامج I didin’t Know I Was
pregnant (نعم، هذا عوض تليفزيوني حقيقي، يستكمل بإعادة تمثيل مشهد سابق عادة ما ينتهي بسيدة مندهشة تلد طفلها في إحدى دورات المياه- وهو برنامج كوميدي مستوحى من عنوان البرنامج الكوميدي الشهير ا

.( Didn’t Know I Had to Take a Dump

كما أنك تستحقين أكثر المعلومات الممكنة دقة. فعندما كنت أريد الحمل للمرة الأولى، قرأت كل ما وصلت إليه يداي من كتب على المواقع الإلكترونية.
وحللت البيانات، ودونت مقالات دورية في عملي اليومي كباحثة، وهكذا تحولت إلى البحث عن دراسات نشرت في الدوريات الطبية مرارا وتكرارا، فاكتشفت أن ما وجدته على الإنترنت، وفي الكتب، وعلى صفحات التعليمات الخاصة بمؤشر التبويض خاطئ أيضاً، أو نصفها كذلك، أو من مصدر غير موثوق به. مثالي المفضل: الإحصائية التي كثيرا ما تذكر أن السيدة التي تجاوزت 35 عاماً لا تزيد فرص حملها عن ٦٦/ خلال العام، جاءت من دراسة لسجلات الولادة من القرن السابع عشر بفرنسا! وقد وجدت الأبحاث التي استخدمت عينات أحدث ارتفاع نسبة الخصوبة للسيدات الأكبر في السن. و إيجاد المعلومة الحقيقية بناء على أبحاث حقيقية ساعدني على الحمل بسرعة نسبية كوني تخطيت ه٣ عاماً، وأعاني مشاكل في الخصوبة، إلا أن أغلب هذه الأبحاث العلمية الجادة المفيدة للغاية ليست متاحة حيث يمكن لأغلب السيدات إيجادها. وفي هذه الصفحات، سوف أشارككن هذه المعلومات المثيرة.

وقد لاحظت أيضا أن أغلب كتب الخصوبة تغطي جزءاً واحداً فقط من القصة، فقد ناقشت الجوانب البدنية للحمل، دون ذكر الجوانب العاطفية، وقد استعرضت بالتفصيل إحدى طرق التنبؤ بالتبويض ولكنها أغفلت طرقاً أخرى. أو خاضت في تفاصيل مرهقة عن كيفية تناول الطعام قبل حدوث الحمل، دون أن تتناول أي جوانب أخرى. ربما لأنني في هذا الكتاب، أردت كتاباً واحداً يحوي كل هذه الموضوعات بدلاً من الحاجة لقراءة ٠ ١ كتب أو ه ١ كتابا. وهذا الكتاب يفعل ذلك.

بعض الناس - رجال في منتصف العمر في الغالب - يجدون فكرة تأليف كتاب عن الحمل مضحكة بطبيعتها: أراهن أنه كتيب صغير، ليس لديه ما يقوله سوى: مارسوا العلاقة الحميمة! في كل صفحاته؛ ولكن الأمر أعقد بكثير من ذلك؛ فهناك أسباب وجيهة جدا للاستعداد للحمل وتعلم أكبر قدر ممكن قبل البدء في المحاولة. فالسيدات في الغالب يردن أن يحملن في أسرع وقت ممكن؛ لذلك يسألن عن كيفية التنبؤ بوقت التبويض، وأفضل وقت لممارسة العلاقة الحميمة. و لعل بإمكانك أيضاً، أن تختاري جنس الجنين سواء كان ذكرا أو أنثى (ولكن بطريقة تختلف عما سمعته؛ انظري الفصل ه). ويظهر بحث رائع أن ما تتناولينه قبل ولادة طفلك - من أطعمة وفيتامينات - يؤثر على صحة طفلك وذكائه؛ فالمخ والجهاز العصبي يبدآن في التطور في مرحلة مبكرة للغاية، بعد حوالي أسبوعين من الحمل. وعندما تستعدين للحمل، يجب أن تضمني له أفضل بداية ممكنة لحياته.

إن محاولة الحمل أمر عاطفي للغاية، يبعث على التوتر؛ لأنه في النهاية أمر خارج عن سيطرتنا . في السن المناسبة للإنجاب، بإمكانك الآن أن تختاري  بكامل وعيك الحمل، ومن هنا نتوهم أن الحمل أمر يمكن التحكم فيه. لكن هناك الكثير من الأشياء التي يمكنك عملها لزيادة فرصك؛ وسوف أطلعك على أكبر قدر ممكن منها - ولكن الحمل يعتمد جزئياً على المصادفة، وآليات الجسم الداخلية، وعوامل أخرى لا تخضع للسيطرة، كما أنه يتضمن قدراً مثيراً للغضب من الانتظار. إن كنت سيدة غير صبورة، فهذا صعب للغاية، حتى لو كنت تحاولين منذ بضعة أشهر فقط. وباعتباري طبيبة نفسية، يمكنني أن أطلعك على إستراتيجيات تكيف تعتمد على أحدث الأبحاث. ولكوني امرأة مرت بضغط محاولة الحمل ثلاث مرات (أربع إن تم حساب إجهاضي في مرحلة مبكرة) ، فقد مررت أيضاً بعواطف قوية ليست هناك مجموعة من التدريبات يمكنها إعدادك لها.

إن القلق من الخصوبة قد يبدأ أيضاً قبل محاولة الحمل. إن كورتني - - على سبيل المثال - لا تزال في العشرين من عمرها. ولكنها تقول: لقد حلمت بإنجاب أطفال دائماً، وخشيت أن يحدث شيء يمنعني من الإنجاب. لقد أردت بحق أن أنجب وبذلت أقصى ما في وسعي طوال خمس سنوات، لكن بقيت خصوبتي أمراً يقلقني . بعد ذلك يرتفع هذا القلق عندما تحاولين بالفعل طوال ثلاثة أشهر، ثم ستة، و من السهل فهم سبب أن محاولة الحمل قد تثير جنونك بالفعل. و السر يكمن في محاولة الموازنة بين تعلم الكثير وهوسك الكامل بالفكرة؛ لذا سوف أخبرك كيف تصرفين انتباهك لكي لا تفكري في الخصوبة في كل لحظة من حياتك، وسوف أطلعك على بعض طرق مكافحة القلق والاكتئاب بشكل طبيعي. إليك طريقتين يمكنك البدء بهما على الفور: خذي مكملاً غذائياً، ١٠٠٠ ميليجرام من زيت السمك يومياً وتعلمي الاسترخاء عن طريق التنفس العميق. وعندما لا تكونين مضغوطة، أغمضي عينيك وتنفسي بعمق. أما إذا فعلت ذلك وأنت متوترة، فسوف يتلقى جسمك رسالة أن تهدئي، وبذلك سوف تشعرين بتحسن.

ونظراً لأن الكتاب لا يخاطب المرأة الصبورة، فستجدينه قصيرا نسبياً. فإذا كنت لا تطيقين صبرا على الإطلاق، ألقي نظرة على الملحق أ لتلمي بخلاصة نصائح سريعة للغاية (ما زلت أعمل على تأليف كتاب للمرأة التي لا تطيق صبراً على الإطلاق بحيث يكون أقصر من هذا بكثير). لقد أوردت دراسات الأبحاث في الجزء الخاص بالمراجع في نهاية الكتاب ليتسنى لك قراءة البحث الأصلي إن كنت مجنونة مثلي. هل قلت مجنونة؟ أقصد فضولية.

هذا الكتاب يتناول أساساً الحمل الطبيعي: ما يمكنك عمله في غرفة نومك الخاصة كي تحملي بسرعة، وربما تؤثرين على تحديد جنس طفلك. سوف أتناول القرار الصعب بتحديد متى تذهبين لأخصائي خصوبة وما الذي يمكنك توقعه من زيارتك الأولى، وليس طرق علاج مشكلات الخصوبة الأكثر تخصصاً مثل التلقيح الاصطناعي ( ivf ). ولكنني سوف أذكر العديد من دراسات الأبحاث التي أجريت على سيدات خضعن للتلقيح الاصطناعي - لأنهن في الغالب النخبة التي كثيرا ما أجرى باحثو الخصوبة دراساتهم عليهن- استمتعي بالأشهر التي تحاولين الحمل فيها. هذه نصيحة من السهل قولها ولكن تنفيذها صعب. لقد اعتدنا القدرة على التحكم في كل شيء وتحقيق نتائج فورية؛ ولكن الحمل يتحدى هذه التوقعات. وحتى إذا حدث حمل في الشهر الأول، فإنه يبقى عليك الانتظار لمدة أسبوعين حتى يحدث التبويض ثم أسبوعين آخرين لتكتشفي ذلك. اقرئي هذا الكتاب، وتحدثي مع صديقاتك، وافعلي ما بوسعك، ولكن اعلمي أن في الأمر متعة أيضاً؛ فأنت على وشك بدء رحلتك مع الحمل. استمتعي برحلتك.

- اسم مستعار؛ تماماً مثل أسماء جميع السيدات اللاتي وردت حكاياتهن في الكتاب، كما أننا في بعض الحالات غيرنا بعض التفاصيل لكي لا يسهل التعرف عليهن.