من أعظم المتحدثين عن الدافعية، الذين سمعتهم كشخص بالغ في حياتي، كان السيد مورت أوتلي.. لقد خبرت حديثه في مدينة ناشفيل بولاية تنيسي، في نهاية أسبوع تدريبي، في مدرسة مبيعات، مع شركة ’ساوث ويسترن. كان عمري آنذاك تسعة عشر عاما، وكان مورت  أوتلي يلقي واحدة من أعظم المحاضرات المتعلقة بالدافعية، التي سمعتها في حياتي.. قال أوتلى: "إن معظم الناس لا يحصلون على ما يتمنونه في الحياة''.

كم كانت العبارة محبطة.. لقد حصل هذا الرجل على مبلغ ضخم لقاء أن يحفز الآخرين؛ فإذا به يأتي إلى المنصة، ويقول إن معظم الناس أخفقوا في أن يحصلوا على ما يتمنونه، في حياتهم.. وراح عقلي ذو التسعة عشر عاماً يقول لي أشكرك أيها السيد مورت على مقولتك الرائعة.. أفترض أن جملة التالية التي سيخبرني بها هي أن كل الفرنسيين يتحدثون اللغة الفرنسية..
دون مزاح، وبمنتهى الجدية، لا يحصل معظم الناس على ما يتمنونه في الحياة لماذا تعتقد - من وجهة نظرك" أنني تجشمت كل ذلك، أساساً، لكي استمع إلى ما تقوله؟

لم أرد أن أكون مثل معظم الناس، وتخميني أنك أيضاً لا ترغب في ذلك. أما إذا أردت أن تكون مثل معظم الناس - فعليك أن تحيا بشكل غير سوي، وتحظى فيه بأوقات نادرة من المتعة في حياتك- ولا تتعب نفسك بقراءة هذا الكتاب... وعلى أية حال، عليك أن تكون مدركاً لأن مخك لديه كثير من الأنماط اللاواعية، التي تعود بك دائماً.. وفيما يلي أحد هذه الأنماط: دع الجانب الكبير مما تود تحقيقه لا يتجاوز كونه متوسط ما ترغبه !

بداية من المدرسة الابتدائية، وعبر التكامل بين التعليم والجدل الطبيعي للعقل، بهدف الوصول إلى الأمان، فإننا جميعاً ننمي رغبة غير واعية جارفة لأن نكون مثل كل شخص حولنا، نحن - بالأحرى- نريد أن نكون لائقين اجتماعياً.. نحن نرغب في أن نصل إلى المتوسط المرغوب.

في أمريكا، عام 2012، كان ذلك "المتوسط المرغوب" بالفعل يعني: وهذا يعني أن إنجاز أهدافك ليس وظيفة يقوم بها السحر والحظ أو الظروف، بل إنه وظيفة تتعلق بالكيفية التي تفكر بها والأداء الذي تقوم به. انظر مرة أخرى إلى هدفك الذي قمت بتدوينه من قبل. هل هناك أي شخص، في أي مكان، حقق الإنجاز نفسه الذي تطمح إلى تحقيقه، أو حقق إنجازاً أفضل منه؟ أجد إنه من الصعب علي أن أجد أحدا يمكن أن تكون إجابته لا عن هذا السؤال؛ فمهما كان الذي تتمناه، فإن هناك شخصاً ما قد قام به، وهذا يشكل أخباراً جيدة للغاية بالنسبة لك. فإذا كان هناك من سبق له أن حقق إنجازك الذي تطمح تحقيقه، فيمكنك أن تكون واثقاً تماماً من أن هؤلاء لم يفعلوا إنجازك هذا، لأنهم أفضل منك - بطريقة أو بأخرى- أو أكثر حظا عنك؛ بل فعلوا ذلك لأنهم فكروا بطريقة معينة، وقاموا بأفعال معينة لتحقيق ذلك.

فإذا كنت ستقوم بتطوير أنماط التفكير، والعادات نفسها، فمن المفترض أن ذلك سيؤكد لك أنه يمكن أن تصل إلى النتيجة نفسها . إن النجاح يترك علاقات مؤكدة؛ لذا فإنه ليس من المهم من أين تكون نقطة البداية، التي تكون لديك فيها القدرة على أن تمضي في طريق تحقيق إنجازك- كما أن ذلك يعني أن ثمة طريقة ما، من أسرع الطرق لتحديد نقطة البدء لتحقيق هدفك هي ببساطة أن تجد شخصاً ما، استطاع أن يصل إلى المحطة الأخيرة التي ترودها، وتقوم بنسخ كل ما فعله/ فعلته.

والمثال الممتاز لهذا المفهوم يتمثل في اللقاء الحواري، الذي سمعت به عن صياد محترف ناجح للغاية، كان مشهورا بفوزه الكاسح في مسابقات صيد ذئاب البحر (نوع من الكائنات البحرية الشبيهة بالدلافين - المترجم)، دون اختفاء بقسوة العضات التي كان ينالها- كان يصطاد ما لا يقدر أحد غيره على اصطياده لذا سأله الصحفي - الذي كان يجري معه الحوار- كيف يمكنك أن تفعل ذلك؟ ؛ أي كيف يمكنك أن تكون ناجحاً إلى هذه الدرجة في صيد ذئاب البحر؟ وكانت إجابة الضيف تصب في اتجاه ما نقوله من أن "النجاح يترك علاقات".

كانت إجابة الصياد: حسناً، إن معظم السياقات تقول إن مسألة صيد ذئاب البحر هي مجرد حظ.. إذ إنهم يعتقدون أنه إذا تصادف وجودك في المكان الصحيح والزمان الصحيح، فإنك سوف تصطاد السمكة... وأنه إذا لم يحدث ذلك، فلن تصطاد شيئا.. إن كل ما تعلمته هو أن صيد ذئاب البحر هي مسألة أكثر توقعاً وأكثر علمية. وفي منطقة تحدد علمياً من المياه، ووقت محدد من العام، وتحت طقس معين، يمكنك أن تستنج وتدرك المواقع التي يمكن أن يكون بها السمك (ذئاب البحر)، كما يمكن كذلك تحديد المناطق التي تعد محطات الوصول لهذه الأسماك، ولذا فمن الطبيعي أن أعثر على تلك الأسماك وأن أكتسب خبرة عميقة، وأطل أجرب كل أنواع هذه الخبرة حتى تؤتي إحداها ثمارها. وببساطة، هناك أيام أقسى من أيام أخرى.. إلا أن أتباع المدخل العلمي المنظم كان يثبت دائماً أنه الطريقة الأفضل لاصطياد تلك النوعية من الأسماك".

قال الصحفي المحاور: الأمر يبدو سهلاً للغاية- يبدو لي أن أي شيء يمكنه أن يفعل ذلك".

فأجابه الصياد: نعم ..هذه حقيقة غالباً الصحفي: ’حسناً ، إذا لماذا لا يستطيع كل واحد أن يصطاد بالقدر وبالمهارة التي تصطاد بها؟".

الصياد: أرجو منك الاستماع إلى أول جملة قلتها: كل السياقات المأثورة تعتقد أن صيد ذئاب البحر مسألة حظ بحتة. إنهم ببساطة لا يدركون أن تأثير الحظ ضئيل للغاية؛ لذا لا يضعون عوامل أخرى مهمة في اعتبارهم.. كل ما في الأمر، إنهم لا يعرفون ذلك".

والحال نفسه ينطلق على الحياة- نعم؛ فهناك ظروف وأحوال علينا أن نتعامل معها، ومعظم هذه الظروف قاسية. ولكن نجاحك ليس مسئولية هذه الظروف، بل إنه مسئولية ما تفعله حيال تلك الظروف. وحقاً، فإن معظم الناس ليسوا ناجحين، كما أنهم لا يمتلكون المال والعلاقات السوية، أو الحياة التي يرغبونها بالفعل؛ لأن معظمهم يعتقدون أنهم غير محظوظين. ابحث عن الأشخاص الناجحين، الأشخاص الذي يملكون هواياتهم، الأشخاص الذين ينجزون، والذين لديهم ما ترغب في تحقيقه، وعندئذ، أفضل ما يفعلونه النجاح يترك علامات (أي النجاح يولد نجاحات أخرى- المترجم)؛ مما يعني أن النجاح هو شيء ما، يجب أن ويمكن أن يمتزج لدى الآخرين.