هذا المستوى يقارب على نحو خطر الموت الذي يمكن اختياره كمحاولة انتحار متعمد، أو بدقة أكثر يتم اختياره نظرا للفشل في اتخاذ خطوات ولإطالة أمد الحياة. والموت الناجم عن التقصير أو اللامبالاة أو الإهمال أو نتيجة حادث هو أمر شائع عند هذا المستوى. جميعنا ندرك الألم الذي يخلفه « فقدان ماء الوجه»، أو تشويه السمعة، أو الظهور بمظهر المغفل. العار يجعل الناس يطأطئون رؤوسهم وينسلون مبتعدين عن الآخرين متمنين لو أنهم كانوا غير مرئيين للناس . الإقصاء هو الملازم التقليدي للعار، وفي المجتمعات البدائية التي تعتبر أصول النوع البشري يعد الإقصاء مكافئاً للموت ، وهو أساس الخوف من النبذ أو الرفض أو الفشل.

تقود التجارب الحياتية الأولى كالإهمال أو إساءة المعاملة سواء الجسدية أو العاطفية أو الجنسية إلى العار وانحراف الشخصية مدى الحياة ما لم يتم حل هذه القضايا في وقت لاحق.

وكما يرى فرويد فإن العار يولد العصاب. والعار مدمر للصحة العاطفية والنفسية نتيجة لتدني احترام الذات مما يجعل الشخص عرضة للإصابة بمرض جسدي. والشخصية المفضوحة هي شخصية .خجولة ومنعزلة وانطوائية منتقصة لذاتها.

و يستخدم العار كوسيلة للقسوة وغالباً ما يصبح ضحاياه قساة، والأطفال الذين يعانون من العار يعاملون الحيوانات بقسوة بالإضافة إلى التعامل مع بعضهم بقسوة أيضاً. الأشخاص الذين يقع وعيهم عند المستوى 20 فقط هم أشخاص خطرون، ويكونون عرضة للهلوسات المنطوية على طبيعة ظنية، بالإضافة إلى جنون العظمة، ويصبح البعض منهم مصابا بالذهان أو قد يرتكبون جرائم الشذوذ.

بعض الأشخاص الذين نال منهم العار يعوضون عن ذلك بالكمالية والتعنت ويصبحون متعصبين ومن الممكن قيادتهم. ومن الأمثلة الشهيرة على ذلك المتشددون أخلاقياً الذين يشكلون جماعات الأمن الأهلية، ويلقون بعارهم الذاتي اللاواعي على الآخرين مما يجعلهم يشعرون لاحقاً بما يسوغ لهم مشروعية مهاجمتهم. و غالباً ما يرتكب السفاحون أفعالهم انطلاقاً من العار والكراهية والأخلاقيات الجنسية تحت ذريعة معاقبة النساء «السيئات» . وبما أن العار يسقط مستوى الشخصية بالكامل فهو يتسبب بظهور الحساسية للمشاعر السلبية الأخرى، ولذلك غالباً ما يبرز الفخر والغضب والشعور بالذنب بشكل زائف.

سريريا

الاكتئاب الشديد هو مستوى خطير من الوعي الذي يمكن أن يتسبب بالشلل ويهدد الحياة، ولا يقتصر حدوث ذلك على مستوى الأفراد وحسب بل يحدث أيضاً ضمن مجموعات كبيرة من الناس الذين يموتون بسبب لامبالاتهم أو حتى بالانتحار.

يتميز اليأس بالعجز وفقدان الأمل ولذلك يتم وصفه بأنه حالة إحباط وجحيم لا يمكن تحمله، وبالرغم من فقدان الرغبة في الحياة إلا أن الإقدام على الانتحار غير ممكن حتى في قرارة النفس نظراً لعدم وجود الطاقة. ويحدث الانتحار المنفعل من خلال العجز عن تناول الطعام أو التزود بالاحتياجات المادية، وعلى النقيض من ذلك عندما يخرج الشخص من حالة اللامبالاة الشديدة للكآبة، ويكسب المزيد من الطاقة يصبح حينها قادراً على الإقدام على الانتحار، وهو ما يوضح المفارقة السريرية الغامضة التي ربما تشكل مضاداً للكآبة، والتي هي «سبب» الانتحار وخصوصاً عند الأطفال والمراهقين. كانت هذه الظاهرة معروفة سريرياً لفترة زمنية طويلة سبقت توفر مضادات الاكتئاب. عندما تبدأ حالة الكآبة واللامبالاة بالتطور، تنشأ مرحلة انخفاض الهيجان التي تتشكل فيها الطاقة اللازمة للانتحار. قبل عدة سنوات سبقت ظهور مضادات الاكتئاب كان يتم وضع المرضى تحت رقابة شديدة خلال الفترات التي كانت «تتطور» فيها حالتهم من اللامبالاة إلى الهيجان (هاوكينز 2005) (2005 )Hawkins)).

العار أيضاً هو انعكاس لكراهية الذات، والتي يمكن أن ينتج عنها عدوانية شديدة أو حتى قاتلة عندما يتم توجيه تلك الكراهية للخارج، وجدير بالذكر بأن نسبه مئوية كبير؛ من القتلة فاقدي الوعي الذين قاموا بارتكاب جرائمهم ضد زملائهم في المدارس كانوا من المدرجين على قائمة الذين يتعاطون مضادات الاكتئاب يترافق الاكتئاب بتغيرات رئيسية في فيزيولوجيا الدماغ مع مستويات منخفضة من السيالات العصبية الحرجة كالنوربينفرين والسيروتونين والميل الطبيعي للاكتئاب يتضمن عوامل جينية وقدرية قوة وفي أغلب الأحيان تكون عائلية، كما يرتبط أيضا بقابلية الإدمان على الكحول، وقد تم التوصل إلى أن ثلث المراهقين على الأقل يكون لديهم درجات خطيرة أو متوسطة الشدة من الاكتئاب في بعض فترات حياتهم.

من الناحية السريرية يستدعي الاكتئاب عادة تقديم المساعدة الاحترافية، وبشكل أكثر تعقيداً فإنه من الصعب التفريق ما بين الانتحار الحقيقي وبوادر الانتحار الأكثر تواتراً بشكل نسبياً ، أو التهديدات الناشئة عن مشاكل مختلفة تطوي عاد على العلاقات ما بين الأشخاص وما ينتج عنها من ضغائن.

ويمكن مصادفة حالات الاكتئاب ذات الدرجات الخطيرة في ظروف خاصة، ولكن تلك الحالات تشير بشكل فعلي إلى الحاجة لمساعدة الطبيب النفسي، أو المساعدة السريرية الاحترافية فضلاً عن توفير الحماية والدعم. وكثيراً ما تترافق حالة الاكتئاب عند الأشخاص الوحيدين الذين يعيشون حالة من العزلة بحالات فقدان الأمل والرغبة في الحياة، ويحدث الأمر ذاته مع كبار السن ومع الناس العاديين الذين مروا بفترات ومن التوتر الشديد التي أدت إلى استنزافهم نفسياً، كالطلاق مثلاً أو التعرض لكوارث مالية، أو فقد بعض الأحبة، أو حالات الأسى بحد ذاتها. والانتحار هو السبب الرئيسي للموت بين المراهقين.

تشتمل المشاكل العاطفية الأساسية على مكونات مادية وعقلية وعاطفية حالها في ذلك حال الأمراض الأخرى، وقد تكون هناك عوامل شخصية واجتماعية إضافية فضلاً عن المؤثرات القدرية، والتي يتطلب التعافي منها معالجة بعض هذه العوامل أو جميعها . وقد يكون للمشاكل الجسدية التي تبدو في ظاهرها بسيطاً كانخفاض سكر الدم غير المشخص إسهامها الرئيسي. (لقد تعافى العديد من مرضى الاكتئاب ببساطة عن طريق تجنب السكر). ويرجع الفشل في البحث عن المساعدة المناسبة أو قبولها في كثير من الحالات إلى الغرور (من الناحية الروحية) والإنكار (من الناحية النفسية)، أو ببساطة بسبب الجهل (من الناحية القدرية) . ثم تؤثر تقلبات المزاج على العلاقات التي تربط ما بين الأشخاص وحتى الموظفين منهم (على سبيل المثال المشاحنات والجرائم المرتكبة في مواقع العمل) . بالتواضع يمكن تفحص جميع العوامل المساهمة والتعافي من جميع الحالات الخطيرة وشبه القاتلة، كما يتبين من المجموعات المتعافية اعتماداً على الجانب الروحي.

جاذبية الموت

على الرغم من الافتراض الشائع بأن جميع الناس يخشون الموت وينفرون منه، فإنه وللمفارقة ينظر للموت أيضاً في بعض الحالات على أنه عامل مغر (لإنهاء المعاناة)، أو كعمل ختامي للانتقام أو التضحية والبطولة، أو كتمثيل مبالغ فيه للشفقة على الذات. وهناك أيضا «رومانسية الموت» الذي يتم الاحتفال به نظراً لجوهره الدرامي (كالأساطير والأوبرا والخيال‘ مثل روميو

وجولييت).

                        

إثارة الموت تعم جنبات المدرج الروماني من خلال المبارزة، ومضمار السباق، والأعمال الحربية. كما يعد «العبث بالموت» أيضاً عامل جذب يتطلب المجازفة الشديدة (على سبيل المثال، سترات سائقي الدراجات النارية، والوشم المكون من جمجمه تحتها عظمتين متصالبتين) .

ويمكن أن يكون الموت شعائرياً أيضاً (هاري-كاري) ويتم الاحتفال به رسمياً في جنازات مهيبه يجر فيها التابوت ببطء بواسطة الخيول في مواكب جنائزية رسمية.

يفترض فرويد بأن غريزة الموت الجوهرية التي تسمى اصطلاحاً «ثاناتوس» 05أ1٦91٦9 آ (وهي على النقيض من «إيروس» eros التي تمثل غريزة الحياة)، والتي تكون دفينة في أعماق اللاوعي الفطري، حيث تمارس التأثير المحتمل الذي يمكن أن يتم تعزيزه عن طريق الترسيخ العقائدي (مثل الطيارين الكاميكاز، والانتحاريين، وطقس الانتحار الجماعي). وفي الوقت الحالي هناك قائمة انتظار طويلة من المتطوعين المتحمسين ضمن صفوف المتطرفين الإسلاميين (كما قال أسامة بن لادن. << نحن نقدس الموت لا الحياة»). وبناء على ما تقدم ظهر ما يعرف ب «عبادة الموت» التي يتم٠

تعظيمها من قبل الشباب السذج سريعي التأثر الذين يتم استدراجهم ليس للانتحار وحسب، بل ولارتكاب جرائم القتل الجماعي بحق الأبرياء أيضاً، كما كان هناك العديد من المتطوعين الكاميكاز خلال الحرب العالمية الثانية.
وهكذا، يكون للمخرج الدراماتيكي جاذبية فريدة من نوعها وبريق الدراما، وفي الحالات الأكثر شيوعاً يحدث الانتحار بفعل اليأس وتراكمه الذي يؤدي إلى فقدان الثقة أو الأمل.

روحياً: ليل الروح المظلم

إن حالة شعور المرء بتخلي الله عنه والخنوع إلى اليأس ينتج عنهما شعور عام بالاكتئاب، وقد يتضمن تحولاً لاختبار الزمن يماثل اختبار المستويات الدنيا للجحيم التي وصفها دانتي (Dante) بقوله: «لا أمل لكم أيها الداخلون هنا». قد تكون هذه الحالة أيضاً مرحلة انتقالية كنتيجة للعمل الروحى الداخلى المجهد، وبشكل خاص لدى المناصرين الذين يلقون بحذرهم كله أدراج الرياح ويستكشفون أكثر مستويات الوعي عمقا، ذلك الوعي الذي يشعر المناصر عنده أنه من الضروري التخلي عن الأنا وإزالة جميع الشكوك.

وهكذا، فقد تمثل هذه الحالة الحاجة للوصول إلى الفاعلية الداخلية للحقيقة الروحية قبل التخلي الكامل عن الأنا نفسها. والغريب في الأمر أن هذه الطريق يمكن أن تكون هي ذاتها الطريق التي يسلكها الملحد المكرس الذي يثبت ما إذا كان عدم وجود الله صحيحاً، أو حتى أنه لديه القدرة على البقاء حياً. الاكتئاب الروحي الشديد يمكن أن يمثل موطئ القدم الأخير لا أنا في نضالها من أجل البقاء على قيد الحياة. الوهم الأساسي لا أنا هو أن الموت واقع بوجود الله أودون وجوده، وهكذا فإن ما يوصف بأنه «الليل المظلم للروح» هو في الواقع الليل المظلم لا أنا.

 قد تكون المواجهة مع جوهر الأنا غير متوقعة وكنتيجة لتخليها عن تعلقها مع أوهام ال أنا والاعتزاز بالمعتقدات الدينية أو الروحية الزائفة والتصورات عن الله. على سبيل المثال يستجيب الله للتوسل أو التضرع الشديدين (طرق أبواب السماء): "يا رب، انظر كم أعاني في سبيلك".

وبشكل متناقض فإن الليل المظلم للروح غالباً ما يشكل دلالة على التقدم الروحي الكبير، وذلك لأنه غير صحيح بأن الروح (الذات العليا) في الظلمة بل هي الـ أنا، ويمكن تحقيق القليل من الراحة عن طريق تذكر أقوال روحانية تجعل المرء يحلق عالياً رغم بساطتها، أو تذكر أن جثمان السيد المسيح يتعرق دماً، أو بأن بوذا قد ذكر بأنه يشعر كما لو أن عظامه كانت تتكسر إثر تعرضه لهجوم من الشياطين.

في فجوات يأس الروح وظلمة فقدان الأمل فإن ما يجب إدراكه واتباعه هو أن الخوف بمجمله من الجانب الروحي يعتبر وهماً، والسبب في ذلك هو أنه من الآمن التحرر من كل ما تحب، تماشياً مع الاعتقاد بأن الجوهر الداخلي للـ أنا هو المصدر الحقيقي للحياة ذاتها، لأنه ليس المصدر مهما بدت التجربة حادة. والعائق الأخير الذي يجب تخطيه واللجوء إلى الله هو الأساس غير القابل للانتقاص ظاهريا لجوهر الوجود ذاته، والسبب في أن القيام بذلك آمن هو أن ذلك غير صحيح.

إذا سلمنا بما يبدو بأنه المصدر الحقيقي والجوهر غير القابل للانتقاص وصميم حياة الشخص، يتأرجح الباب منفتحاً بحسب الضرورة القدرية ويشع الحضور الإلهي بإشراقة نوره، وتذوب ال «أنا» الشخصية إلى جانب العقل ضمن الـ «أنا» اللانهائية للأبدية بسلامها العميق وبحالة من الوحدانية عبر كل الأزمان، وهذه الحالة ليست نتيجة للعقل أو الأنا، ولكنها بالأحرى البديل عنهما عندما يتوقفان عن العمل، والخطوات النهائية تقتضي الشجاعة والإيمان والتسليم بمنتهى العمق. والأمر هنا هو أن الحقيقة تكون على هيئه متذبذبة وهالة المعلم الحقيقي تقدم أقصى درجات المساعدة («نعمة المعلم الروحي» التاريخية)، كما يطلق على أحد الأساتذة المختارين لقب المخلص أو الحقيقة الروحية القصوى، والذي قد يتمثل بـ بوذا أو يسوع أو كريشما أو الله بشكل ومباشر.

شكل أخر من أشكال الليل المظلم للروح يظهر كنتيجة للانحدار بشكل تجريبي من مرتبه عالية (مثل الابتهاج التعبدي أو الصوفي)، كما تم وصفه جيداً في حياة القديسين المسيحيين. والأمر يبدو كما لو أن أحداً «هجره الحبيب» (انظر حياة القديسين لبتلرز) . ويمكن أن تنشأ هذه الحالة عندما «يستنفذ المرء قدريته الجيدة» نتيجة لما تبقى من اتباطات قدريه وميول سطحيه بحاجة للتعاطي معها والتسليم لله . وهناك بعض الحالات الغامضة كالحقد الذاتي والاستياء من الله، والمعتقدات العالقة في الذهن والتي غالباً ما ترتبط بمعتقدات تتعلق بالمعاناة بحد ذاتها (كونها ستستفيد من فضل الله على سبيل المثال وغير ذلك) - في الليل المظلم للروح، يعد الإيمان في بعض المعتقدات المحرض على مجابهة الواقع الفعلي. جميع المعتقدات عن الله هي معلومات تم استهلاكها مستمدة من الآخرين ومنزلة، وبذلك يتم التسليم بها كلها. ويمكن العثور على تعليل لذلك بالتمحيص قياساً بحقيقة أن القط فقط يعرف حقيقة ما يعني كونه قطاً

بمقتضى كونه قط، وهو لا يعرف «حول» كونه قطاً وليس لديه نظم عقائدية.
ولذلك فإن جميع المعتقدات الخاطئة عن الله خارجة عن نطاق الواقع التجريبى. والطريق للتنوير يكون عبر الاستقامة الراسخة للجهل- إن تجربة اللاهوت ضمنياً على أنها الذات Self أو جوهر الله هي أمر مختلفاً تماماً عن الاعتقاد بتعالي الله، ولهنا السبب اعترض بوذا على جميع أوصاف الله أو تسمياته لأن التنوير هو وضع أو حالاً تكون فيها معرفة الذات متطابقة، والوصف الأفضل لهذا الوضع أو لهذه الحالة هو سطوع الذات،

وفي تلك الحالة يكون التعرف حقيقتها الخاصة. (سيتم التطرق للموضوع في فصول لاحقة) .

على الرغم من عدم استخدام الديانات الغربية على وجه التحديد لمصطلح «الكارما» karma، إلا أنه رغم ذلك يعد حقيقة أساسية على اعتباره المساءلة الروحية التي تحدد مصير الروح بعد الموت، ويتضمن المصطلح أيضاً المشاكل الروحية الملازمة لبني البشر، بما في ذلك حقيقة أن الجنس البشري يتميز بفهم روحي محدود «جهل» ، ولذلك فإن الغاية من حياة الإنسان هي التغلب على هذه القيود الموروثة وتجاوزها عن طريق الحقيقة الروحية التي يبينها لنا المعلمون الروحيون الأتقياء الكبار.

غالباً ما يتم في الذهن الغربي الخلط فيما بين «الكارما» والانبعاث أو التقمص أو تعدد فترات حياة الإنسان. وعلى العموم تشير الكارما فقط إلى حقيقة أن الروح تطوريه من حيث المنشأ والمصير في ان معاً ومن حيث المسؤولية عن قراراتها ٠

لكل شخص مستوى معياري محدد من الوعي أثناء ولادته، وبشكل فعلى فإن ما يطرأ على هذه الحالة من تعديل هو غير مرتبط بذلك. تقدم الأديان على تنوعها بالإضافة إلى الأبحاث التي تتناول الوعي تفسيرات ومختلفه لذلك، ومهما كانت الأسباب فإنه ينبغي على كل فرد أن ينطلق من المكان الذى يجد نفسه فيه ضمن العملية التطورية، وبدون توفر فهم للكارما فإن الظروف بحد ذاتها ستبدو عرضياً أو مزاجيه، وبذلك فهي لا تتفق مع نتائج أبحاث الوعي التي تثبت بأن الخلق بمجمله هو انعكاس للانسجام الإلهي وللعدالة والتوازن.

غالباً ما يتم المرور بحالة اليأس الكارثي أثناء الأحداث المأساوية أو الكارثية، وهناك أيضاً كارما المجموعات الإنسانية المشتركة التي تنتج من مجرد كونهم بشر، والتي يمكن أن يتم التعبير عنها أيضاً بمجموعه من الحالات التي من الممكن أن تكون إثنية أو دينيه أو جغرافيه أو قد تأخذ أشكالاً أخرى من الانحياز تبعاً لأفعال أو اتفاقيات وقعت في الماضي. والكارما خطيه وتنتقل عن طريق الروح ويتم توارثها كنتيجة لأفعال مهمه للإرادة، ويمكن استخلاص احتمال حدوث مثل هذه العواقب السلبية بسهوله من تاريخ البشرية الذي يتضمن باستمرار وبشكل متكرر مجازر لا طائل منها تطال الأبرياء، بالإضافة إلى الانتهاكات المتعدة والوحشية (أي الكارما السلبية) .

ويحدث احتواء كل ما يبدو عواقب سلبيه للكارما كنتيجة لكل من التوافق أو المشاركة المسبقين أو لكليهما معاً، وبذلك فإن الهتاف عند موت مصارع الثيران مهم بحسب الكارما لأنه يعمل على إشباع الرغبة من الألم والمعاناة أو من موت الآخرين، أما الهتاف عند تنفيذ حكم الإعدام بالمقصلة فهو انخراط بنتائج الكارما للموقف. إن تطبيق العدالة على يد أحدهم يتم تحت كارما المجازفة «العدل خاصيتي، يقول الرب». يصعب القبول بالإيمان بأن الله يضمن العدالة المطلقة في عالم ظاهره الظلم، ومن الأفضل الثقة بالعدالة المطلقة للرب و «لا تدينوا، كي لا تدانوا»، لأنه من المفيد أن نتذكر بأن «ومن كان منكم بلا خطيئة، فليرمها بأول حجر» .

من التشبيهات المفيدة للعدالة الإلهية (أو قوانين الكارما) إدراك أن المجال اللامتناهي الكلى الوجود والكلى العلم بكل شيء للوعي هو ذاته الإشعاع الإلهي الذي يسجل الأحداث التي تجري مهما بلغت تفاهتها. منذ الولادة يترافق كل شخص بشكل تلقائى بالمجال الكلي للكارما نظراً لنوعية ذلك المجال الخطي في المجال اللامتناهي للوعي ذاته، ومن ثم فمن خلال الأفعال الإرادية فقط يمكن للكيان أن يستتبع مصيره الذاتي. يتأثر تقييم الوعي لأحد الأشخاص نحو الأفضل أو نحو الأسوأ بالقرار الداخلى وبفعل الإرادة، وبالنتيجة يتم توجيه الكيان نحو المستوى المناسب له من الوعي الذي يحكمه «المجال الجذاب» (انظر القوة مقابل الإكراه Power vs. Force 1995)، وهكذا فإن مستوى الوعي للشخص يمثل مروثه من الكأ رما.

انطلاقاً من الفهم الكلي لطبيعة الوعي يمكن أن نلاحظ بأن العدالة (الكارما) هي بشكل تلقائى نتيجة لتفاعل ترددات الروح ضمن المجال الكلى اللامتناهي للوعي. تؤكد علوم الحقيقة بالإضافة إلى أبحاث تقييم الوعي النص الإنجيلي: «أما أنتم فحتى شعور رؤوسكم جميعها محصاة» (أي معدودة). كل شيء معروف للمجال اللامتناهى للألوهية الذى تسود العدالة تلقائياً بفضله، والأوهام البشرية هي إسقاطات من اللاوعي عن إله يحمل صفات الإنسان المنتقم والحسود والساخط وهو «السبب» المزعوم للكوارث، على الرغم من أنه من الواضح بأن النسبة الكبيرة للكوارث الطبيعية التي حدثت في تاريخ البشرية وقعت في معظمها قبل وجود النوع البشرى على الأرض، والتي يعتقد في الحقيقة بأنها كانت السبب الذي أدى إلى إنهاء عصر الديناصورات.

ويمكن أن نخلص إلى القول كما هو معروف للعموم بأن الكارما (القدر الروحي) تأتي كنتيجه لقرارات الإرادة، وتحدد مصير الروح بعد موت الجسد
(المستويات السماوية والجحيم والحاجز الفاصل ما بين الجنة والنار، أو ما يدعى باد (bardos)، وتشمل أيضاً خيار التقمص في النطاق المادي للإنسان والذي يمكن أن يتم بحسب أبحاث مقاييس الوعي من خلال التوافق مع الإرادة الفردية، وهكذا يكون جميع البشر قد اختاروا هذا المسار بالاتفاق، بالإضافة إلى أن أبحاث الوعي تؤكد على أن جميع الناس يولدون تحت الشروط المثلى للتطور الروحي، وذلك مهما اختلفت مظاهرهم.

الكارما في الواقع تعني المحاسبة وكما ورد في الدراسات الروحية السابقة فإن كل كائن مسؤول أمام الكون، وكما هو معروف أيضاً بأن الكارما الإيجابية (كأعمال الخير والصلاة والإيثار والأعمال الخيرية وهلم جرا) يمكنها أن تعوض عن الكارما السلبية «السيئة» وتبطلها. وفي هذه العملية يتم إحقاق «الفضيلة» التي يمكن وضعها في بعض الأحيان حتى في موضع مجابهة التغيرات. ويتبع التقدم الروحي تلقائياً حسن النوايا، والتسامح، والمحبة كأسلوب للوجود في هذا العالم ككل بدلاً من اعتباره صفقة لتحقيق المكاسب من خلالها.

التعامل من خلال «كارما» الشخص لا يشمل فترة عمره الحالية فحسب، بل ويتضمن المظاهر التطورية التاريخية التي طواها النسيان أيضاً. وقد يطرح العمل الروحي قضايا المواقف والأفكار المكبوتة، أو المعتقدات المستمدة من اللاوعي الشخصي، فضلاً عن جوانب اللاوعي الجمعي الإنساني التي تتماشى بشكل فعال مع نظام شاكرا (chakra) للنماذج البدائية لليونغ (كقلب الطفل على سبيل المثال، وطحال المحارب، وسذاجة المراهق، الخ) .

نطراً لطبيعة التطور البشري فإنه حتى الشخص الناضج الذكي الراشد ما يزال مكبوتاً أومنسياً، إلا أنه ما يبقى فاعلاً، حيث تخرج الطفولية والصبيانية تلك العملية خارج الإدراك. ومن المواضيع الأكثر شيوعاً التوازن غير المدرك بين «الأنا الجيد» (good me) و الأنا السيء» (bad me). (هذه هي منطقة الانقسام واضطرابات الشخصية لـ « جيكل وهايد» (Jekylland-Hyde ويمكن أن يكون الانقسام الجيد / السيء مصدر مشكلات نفسيه عديدة، حيث يكون إسقاط « الأنا السيء» على الآخرين هو الأكثر شيوعاً.

المجموعات: الكارثية والإقليمية والظرفية

الفقر الشديد والحرمان والمجاعة أمراض تستوطن أقاليم جغرافية بأكملها وثقافات ومناطق رئيسية في العالم، وهو ما تم توضيحه وتصويره بالرسوم البيانية في عمل سابق (الحقيقة مقابل الزيف، الفصل 14). وتتميز تلك الأقاليم بارتفاع معدل الولادات ومعدل وفيات الرضع وانخفاض معدل العمر، وارتفاع معدلات المرض والاضطرابات المدنية والحروب القبلية والوحشية والمذابح الجماعية.

توكد أبحاث الوعي أن الفقر المستشري إقليمياً هو من أصل كارمي جماعي ويقدم نفسه بعلاقة متبادلة مع الانتقال جينياً.

الأشكال البدائية من الكائنات الشبيهة بالإنسان (Hominids) (مستوى تقييمها 80-95) قد وجدت وانقرضت، والإنسان العاقل (-¡Homo sap
ens) من وجهة نظر تطورية ليس سوى انبثاق حديث للغاية من شجرة التطور. في الحقيقة تقع الغالبية العظمى من البشر في الوقت الحالي (ثمانية وسبعون في المئة منهم) تحت مستوى التقييم 200، وبذلك يبدأ استقطاب الخبرات بما يتوافق مع ذلك المستوى.

ويدل كل مستوى من مستويات تقييم الوعي على التقدم متجاوزاً المستويات الأدنى منه، ويمكن أن يمثل أيضاً المستوى الذى هبطت إليه مستويات أعلى كنتيجه لخيارات إرادية، ويتم توثيق هذا المستوى الهابط بشكل جيد في
حالات القادة السياسيين الشهيرين جداً الذين يبدؤون بنزاهة ومثاليه ضمن نطاق المستوى 400، ثم ينحدرون فيما بعد نتيجة لتفاقم جنون العظمة إلى أرقام متدنية كثيرا (كـ نابليون وهتلر، وآخرين). تحدث الظاهرة ذاتها في الأفراد العاديين وكذلك في المجموعات كما هو الحال في جزيرة إيستر (Easter Island) والمجتمعات الأحرى التي كانت حاضرة وبادت.

وتتم الإشارة إلى ما يعرف عادة بـ الكارما السلبية أحيانا باد « الدين» وكمثال على ذلك «اغفر لنا ذوبنا كما نحن نغفر لمن أساء إلينا» وعلى الرغم من أن لقرارات الإرادة تبعات كارمية ، فهي قابلة للاسترداد بالتقرب الروحي والإخلاص.

أثناء التطور الروحي التدريجي للناس يكون لكل مستوى يتم الارتقاء إليه اختباراته أو مغرياته اللازمة التي يمكن أن يقع فيها الغافلون، ومن تلك المغريات الأكثر شهر؛ بالطبع الثروة والسلطة والهيبة (كالغطرسة التي تسبقالسقوط وفساد السلطة، السلطة المطلقة الفاسدة ستسقط حتماً،...) ، وهذا ما يوصف سريرياً بـ «الإغواءات الشيطانية» «Icerific
٢emptation» للسلطة بحد ذاتها أو نتيجة لممارستها على الآخرين، وينسب مصدر الخطأ مصدر السلطة إلى الأنا « ا» بدلاً من نسبها إلى الله.
ويتم عرض مثل هذه الحالات من السقوط في الأوساط العلمانية حيث يبدو المدراء التنفيذيون EOS مجردين من أي إحساس بالواقعية منساقين خلف جشع السلطة اللامحدود. والعار هو أيضا نتيجة لإساءة استخدام الحالة الروحية أو الدينية والتأثير، وهو الأمر الذي نصادفه في كوارث سقوط زعماء الطوائف الدينية الذين كانوا ذائعي الصيت وعظيمي الثروة يومأ.

يتضمن الأدب العالمي في غالبيته أساطير مثل آلهة الإغريق والجرمان، بالإضافة إلى الأساطير المذكورة في العهد القديم والأديان الأخرى التي تم استبدالها في وقت لاحق مع تطور ديانات التوحيد. ويمكن الاستدلال على هذا العمل الروحي الذي قد يكون مجهداً من خلال التاريخ المدون للقديسين المسيحيين، الذين تم وصف العديد منها بشكل مناسب كما هو الحال في إغواءات القديس أنتوني (Temptation of St. Anthony) واعترافات القديس أوغسطين (Confessions of St. Augustine)، كما وصف بوذا أيضاً كيف كان عرضه لهجوم من الطاقات الوهمية والسلبية «الشيطانية» دمارا (Mara) (الوهمية).

تدلنا الدراسات السابقة على أن جميع الناس يولدون في حالات مثاليه من فرص الكارما، ولذلك فمن الحكمة ألا نحكم على أن ما يبدو لنا بائساً أو كارثياً يمكن أن يعتبر باباً للتحرر بالنسبة لأشخاص لديهم كارما سلبية ويريدون التخلص منها. وهكذا قد تكون الأحداث المأساوية عناصر أساسيه وضرورية لتطور الروح.

Transcendence التجاوز

في قمة اليأس يحدث استنزاف للطاقة وحتى للرغبة في البقاء على قيد الحياة، وفي أغلب الحالات قد يكون من الممكن التخلي عن الأنا فقط في حالات اليأس التام والجحيم الشديد، وقد يصل الأمر حتى إلى درجة الموت الجسدي الوشيك، وفي العذاب الأبدي الشديد قد تتوسل الروح: «إن كان هناك إله، فأنا أسأله العون» ، ويحدث تحول عظيم، وهذا يؤكد حقيقة تعاليم زين Zen «الجنة والنار تشكل عشر البوصة». الغريب في ذلك هو أن الأنا قد تبلغ هذه النقطة كمحاوله لجعل الرب يخطئ حتى إذا أدى ذلك إلى الموت الفيزيائي للشخص (الأنا ستتعلق بأية قشة)، وهكذا تصارع الأنا حتى اللحظة الأخيرة لإثبات أن الموت حقيقة وأن الله ليس كذلك.

ازدواجية العار العار هو نتيجة لإنكار حقائق كل من الذات الشخصية self والذات الإلهية Self وهو حالة عابرة في الحياة العادية، ولكنه يدل على عقبات رئيسية كبيرة تعترض التطور الروحي كمستوى سائد للوعي، وعندما يكون شديداً فإنه يتهدد بقاء الكيان.

ازدواجية العار الذات العقابية


الشعور بالذنب والكراهية التي تقود إلى الانتقام في مستويات الوعي  الشعور بالذنب الذي يشيع استخدامه كثيراً على شكل إلقاء اللوم من قبل مجتمعنا بغية التلاعب والعقاب، يتجلى في تعابير متنوعة كالندم وتوجيه الملامة للذات والمازوشية مع مجموعه كامله من الأعراض التي تبدو على الضحية. الشعور بالذنب في اللاوعي يظهر على شكل أمراض نفسية مع التعرض لحوادث وسلوكيات الانتحار، ويعيش معظم الناس في صراع مع الشعور بالذنب طيلة حياتهم، بينما يحاول البعض الآخر محاولات يائسة للخلاص منه بالتبرؤ من الشعور بالذنب بصور لا أخلاقية بكل معنى الكلمة.