يعتبر علم النفس الإيجابي منهجية جديدة كلياً في تحقيق الصحة النفسية؛ حيث بدأ العمل وفقاً له خلال السنوات العشر الأخيرة فقط، وقد بدأ يكتسب قوة؛؛ وهو عبارة عن دراسة علمية لنقاط القوة والمزايا التي تمكن الأفراد من الازدهار والنجاح في مقابل دراسة ما بنا من عيوب، كما يستهدف حثنا على تبني سبل الوصول إلى السعادة، بدلاً من محاولة تحديد الأمور التي تحتاج إلى الإصلاح والتغيير. كذلك يوضح أن إصلاح المشكلة ليس هو المهم، بل استيعابها وتقبلها؛ فيساعدنا حس المرونة الفطري، ورغبتنا في التعافي على العودة إلى الشعور بالسلام النفسي والسعادة. وهناك بعض من الكتاب الرائعين الذين لفتوا الأنظار إلى هذا المجال الجديد، مثل: إيكهارت تول، و روبرت هولدن، و باربارا فريدريكسون، و مارتن سيليجمان، و ستيف سي. هايز. وقد خصصت جامعة أوكسفورد قسماً كاملاً لدراسة هذه المنهجية الجديدة، ونشر أهمية الوعي التام؛ وذلك للسمو بالفكر، ورفع مستوى الوعي الشخصي- إن مجال علم النفس متأثر بدرجة كبيرة بـ سيجموند فرويد ، وهو مؤسس علم التحليل النفسي، الذي تطورت الكثير من النظريات الحديثة للنفس البشرية استناداً إلى إسهاماته، كما أرست نظرياته الأساس لمدرسة علم النفس التي سرعان ما نهضت لتصبح قوة مهيمنة في سنوات ظهورها الأولى. وكانت فرضيته الأساسية أن آباءنا لهم عظيم الأثر في صوغ نظرتنا إلى الحياة كبالغين، وأن طفولتنا ليست مؤثرة في ذواتنا البالغة فحسب؛ بل إنها تبسط سيطرتها عليها كذلك. ومع أن نظريات فرويد مثيرة للجدل إلى حد كبير، فهي لا تزال مؤثرة بشكل كبير حتى الآن على الأقل، ولكن علم النفس الإيجابي يتحدى ذلك الأثر، ويشير إلى أنه من الممكن أن نتعافى من الاكتئاب دون الاضطرار إلى علاجه بالطريقة التقليدية التي يستلقي فيها المريض شهوراً وسنوات على الأريكة في عيادة الطبيب النفسي- وقد توفي فرويد في عام ١٩٣٩ ، ومنذ ذلك الحين ارتفعت معدلات الإصابة بالاكتئاب عشرة أضعاف، كذلك جاء على لسان دكتور مارتن سيليجمان ، وهو أحد متخصصي علم النفس التجريبي البارزين - في مجلة مونيتور في عدد أكتوبر ١٩٨٨ ، وهي مجلة تصدرها الجمعية الأمريكية لعلم النفس - أن مواليد ما بعد عام ١٩٤٥ أكثر عرضة عشر مرات للإصابة بالاكتئاب ممن ولدوا قبلها بـ٠ه عاماً؛ وهو ما يلمح إلى أن الطرق القديمة لعلاج الاكتئاب لم تجد نفعاً بالدرجة التي كان يجب أن تحدث.