"السلام ليس مجرد غياب الحرب؛ بل هو فضيلة، وحالة ذهنية، ونزعة إلى تحقيق الخير، وترسيخ الثقة وإرساء العدل". سبينوزا حالات السلام: على مستوى الفرد، السلام هو التحرر من القلق أو المخاوف غير الضرورية أو الإزعاج أو المواجهات غير المرغوب فيها- أما على مستوى المجتمعات، والدول، والعالم فهو التحرر من الحروب والعنف والصراعات العدوانية. كي نكون في سلام مع العالم، لا بد أولاً أن نكون في سلام مع أنفسنا... من أجل أي أمل في سلام خارجي، من الضروري خلق سلام داخلي؛ والشروع في بدء رحلة إلزامية نحو تحقيق السلام؛ و ممارسته يوميا.

وإذا كان الالتزام مخلصا، فستتحقق نتائج إيجابية.

حتى إذا بدأنا بمساهمة سلمية واحدة في اليوم - ولنقل حل مشاجرة بين أطفال، أو مقاومة نزاع غير ضروري مع أحد الأشخاص، بتفكير إيجابي عن السلام في فترة هادئة من التأمل أو التدريب الذهني " فهذا إسهام كبير في  حقيق السلام خلال عام. فكل فعل سلمي هو إسهام إيجابي نحو عالم أكثر انسجاما. الحياة بسيطة، لكننا نصر على تعقيدها حكمة صينية كان هناك معلم وفيلسوف صيني (٥٥١ قبل الميلاد-٤٧٩ قبل الميلاد)، مثير للإعجاب نظرا لمنطقه السليم وصفاته الإنسانية الطبيعية التي يتبعها يوميا، وما ستراه في الصفحة التالية هو مقطع له مأخوذ من درس أولي للأطفال قد يجعل التعليم اليوم جيدا مثلما كان حين كتب المقطع. "كان القدماء الذين يرغبون في إرساء انسجام أخلاقي واضح في العالم ينظمون دولهم أولاً، وهؤلاء الذين رغبوا في تنظيم دولهم كانوا ينظمون أولاً حياتهم العائلية؛ وهؤلاء الذين رغبوا في تنظيم حياتهم العائلية كانوا يرعون أولاً حياتهم الشخصية؛ وهؤلاء الذين رغبوا في رعاية حياتهم الشخصية كانوا يحسنون نياتهم؛ وهؤلاء الذين أحسنوا نياتهم كانوا يخلصون أولاً في إرادتهم؛ وهؤلاء الذين رغبوا في الإخلاص في إرادتهم كانوا يتوصلون أولاً إلى الإدراك؛ ويأتي الإدراك من اكتشاف معرفة الأشياء. حين يكتسب المرء معرفة الأشياء، فإنه يتوصل إلى الإدراك؛ وحين يتوصل إلى الإدراك، تصبح إرادته صادقة؛ وحين تكون الإرادة صادقة، فإن القلب يكون صافيا؛ وحين يكون القلب صافيا، فإن الحياة الشخصية تتلقى الرعاية الكاملة؛ وحين تتلقى الحياة الشخصية الرعاية الكاملة، تصبح الحياة العائلية منظمة؛ وحين تكون الحياة العائلية منظمة، فإن الدول تكون منظمة؛ وحين تكون الدول منظمة: يعم السلام على العالم". فيلسوف صيني إنني أحب بساطة هذا الفيلسوف في معالجة موضوع غالبا ما يكون مليئا بالتناقضات والتفسيرات الخاطئة والنزاعات والمراوغات؛ لكنه نجح في أن يجعله سهلاً وبسيطا وفي المتناول. لذلك نستطيع بدورنا أن ندرك هذا الاحتياج لتطوير السلام الداخلي ورعايته، السلام بين أنفسنا وبين هؤلاء الذين نعيش معهم وعائلاتنا وأصدقائنا المقربين ومجتمعنا وبيئتنا ودولتنا.. .وعالمنا.

إن السلام ليس وهما نبيلاً، أو يتوجب تبنيه باسم العقيدة - بل هو سمة إنسانية دنيوية بسيطة، شيء نستطيع جميعا ممارسته، كل يوم، بصرف النظر عن معتقداتنا الروحية الشخصية. هل تتخيل كم الطاقة التراكمية التي ستنشأ إذا كان الجميع يشاركون في النهج والنشاط؟ كنا سنتحصن بدرع واقية غير مرئية. فنحن لدينا رغبة في الترابط، على مستوى ما، مع هؤلاء  الذين نختار أن يكونوا حولنا، ونستمد القوة من هذا الترابط. وإذا تعززت هذه الوحدة بالتصميم على تحقيق السلام ومقاومة النزاعات، فستنشأ قوة جماعية متجددة.

لا بد أن يبدأ عملنا من أجل تحقيق السلام داخل العالم الخاص بكل منا. فكي نبني للبشرية عالما خاليا من الخوف، لا بد أن نتحرر من هذا الخوف، ولكي نبني عالما تسوده العدالة، لا بد أن نكون عادلين . داج همرشولد الخوف رادع كبير للسلام - وهو الأداة الأقوى التي يملكها المعتدي.

فحين نتغلب على الخوف، نبدد سعي المتنمر - أو المضطهد - للسيطرة والإكراه. اجعل العقول المفعمة بالسلام رادعا للخوف، وليس العكس. السلام الذهني ليس غياب النزاعات في الحياة، بل القدرة على التكيف معها. كي تهدئ على الفور حالة الخوف التي تسيطر على ذهنك، ركز على تنفسك.

ركز على العد حتى الرقم أربعة في أثناء الشهيق، ثم احبس أنفاسك لأربع ثوان عد حتى الرقم أربعة في أثناء الزفير- اختر رقما أخر من أجل أن تعود إليه، وكرر الأمر إذا كان يجعلك تشعر بمزيد من الراحة. إن أهمية هذا الأمر تكمن في التركيز على تنفسك، فعد الأنفاس بهذه الطريقة أداة مساعدة من أجل  لتركيز.

فبينما تتباطأ الأنفاس تدريجيا بصورة طبيعية تستغرق وقدا أطول للدخول والخروج، ما يؤدي إلى الاسترخاء. وسيحذو جسمك وعقلك هذا الحذو وستستعيد الشعور بالسلام والقوة.نصائح للتخلص من الخوف. أدرك بالضبط ما تخاف منه " وسبب خوفك منه. يتعلق الخوف غالبا بفقدان السيطرة على أحد المواقف. تعلم التخلي عن الاحتياج إلى السيطرة ومن ثم سيتبدد الخوف.

أرس أساليب الاسترخاء

فالخوف يماثل التوتر. مارس التأمل أو تمارين التنفس البسيطة. ضع الأشياء في نصابها، ووازن بين المجهول والمعلوم وركز على اللحظة الراهنة.

  • تبن نظرة أكثر إيجابية نحو جوانب حياتك، وابدأ بالأشياء التي تشعر تجاهها بالامتنان، ووسع تدريجيا هذه النظرة الإيجابية بصورة يومية.
  • حين تراودك أفكار تشعرك بالخوف، غير ببساطة ما تفكر فيه، واختر التفكير في شيء آخر.
  • كن انتقائيا فيما يتعلق بكم الأخبار التي تشاهدها. فكثير منها لا يكون إلا نوعا من الضجة الإعلامية لجذب المشاهدين، وكما نعرف فإنه يمكن للصور المؤلمة أن ترسخ في اللاوعي الخاص بنا. لذلك لا بد أن نوازن بين معرفة ما يكفي عن أحداث العالم التي يجب أن نكون على علم بها وبين الإفراط في ذلك ما يؤدي إلى شعورنا بالقلق حيال أشياء لا نستطيع أن نغيرها.

تذكر: إن الخيار لنا، فإما أن نختار الخوف أو نختار التخلي عنه.