يتعلق بهذا

لا شيء أكثر أهمية في التواصل من      الإنصات. هناك حكاية قديمة عن سيدتين كانتا تسيران في الطريق والتقتا بسيدة ثالثة. انخرطت إحدى السيدتين في محادثة مع السيدة الثالثة لمدة عشر دقائق كاملة. كانت السيدة الأولى تراقب، بينما الثانية تتحدث دائماً، والثالثة تنصت دائماً. وعندما انفصلا عنها أخيراً، علقت السيدة الثانية قائلة للأولى في تعجب: "تلك واحدة من أكثر السيدات اللاتي أعرفهن ذكاء. واعترضت السيدة الأولى قائلة: "ولكنها تكاد تكون لم تنطق". وقالت الثانية: "أعرف هذا، ولكنها أنصتت. وهذا يوضح أنها ذكية وبارعة!"

تطوير مهارة الإنصات سيثبت أنك أنت أيضا بارع وذكي. إننا جميعاً نشعر أن أي شخص لديه حس إنصات جيد لما نقوله لابد وأن يكون صديقاً ممتازاً. لقد أصبح الإنصات فنه مفقودة. لاحظ بينما تتكلم أن معظم الناس لا يطيقون صبر على توقفك بحيث يبدؤون هم في التحدث. إنهم لا يسمعونك حقاً. إنهم في غاية الانشغال بالتفكير فيما سيقولونه بعد أن تنتهي.

لقد ثبت في دراسة الإدراك الحسي الفائق أنك إذا أرسلت فكرة غير حسية ولم يكن هناك أحد يستقبلها، فإنها ببساطة لا يكون لها وجود. وبعبارة أخرى، ينبغي أن يكون هناك مرسل ومستقبل. نفس الشيء ينطبق على المحادثة. إذا كان أحدهم يتحدث إليك ولم تكن أنت منصتاً، فإن المحادثة لا يكون لها وجود.

    الإنصات هو سمة التواصل الفعال الأكثر أهمية على الإطلاق، ولكنه أيضاً السمة الأكثر تعرضاً للتجاهل. لقد قضينا جزءاً كبيراً من حياتنا في تعلم القراءة، والكتابة، والتحدث، ولكننا لم نقض أي وقت في تعلم فن الإنصات. معظمنا يرغب في التحدث فحسب، وإذا لم ينصت الناس إلينا، فإننا نغضب بشدة، ونقول عبارات من قبيل: "لماذا لا تنصت "، أو "إنك لا تعيرني أدنی انتباه".

وسواء كنت تدرك هذا أم لا، فإن الطريقة التي تنصت بها لها أثر أكبر على الناس من الطريقة التي تتحدث بها. إن العالم يحتاج بشدة ويتوسل من أجل المنصتين الجيدين. لا شيء يهدد تقدير الذات لشخص آخر مثل اللامبالاة. ولكن الإنصات الجيد أكثر كثيراً من مجرد صمت أو لامبالاة. إن علامات السخط، والضجر، والسخرية، والتهكم، والمقاطعات غير المراعية للمشاعر، والاعتراض على ما يقوله الشخص الآخر، وعدم منح أي أهمية لما يقال جميعها أشياء تلعب دورها في صنع فجوات في عمليات التواصل بين الناس.

     عندما تتصرف بهذه الطريقة، يشعر الشخص الآخر بالرفض، والإهانة. وهو يقول في نفسه: "لدي شيء مهم أقوله. إنني بحاجة لأن ينصت إلى أحدهم". وسوف ينصت له أحدهم، وما لم يكن هذا هو أنت، فسيكون شخصاً آخراً سيقوم هذا الشخص بكل ما هو ضروري ليجعل أحدهم ينصت إليه. فإذا كان طفلاً، فربما انفجر في نوبة غضب، أو أسقط شيئاً ما، أو تشاجر مع أخوته وأخواته. وإذا كان طالباً، فإنه قد يغيب عن الدرس، أو يرفض المذاكرة. وإذا كان شريك حياة، فإنه قد يستخدم المعاملة الصامتة أو يظل بعيداً عن المنزل. وإذا كان موظفاً، فإنه قد يشكو أو يتذمر. كل إنسان سيجد حتماً طريقاً ما تجعل الآخرين ينصتون له.

الناس في معظم الأحوال لا يتواصلون. إنهم ببساطة يتناوبون على التحدث! والعديد من الناس ما كانوا لينصتوا أبداً لو لم يضطروا لذلك. وهنا تكمن المشكلة. فقليلون هم من يرغبون حقاً في الإنصات أو في تحسين قدرتهم على الإنصات.

اتضح لي هذا تماماً منذ فترة قصيرة عندما عرضت تدريس منهجين دراسيين في كلية في المجتمع المحلي كان المنهج الأول حول التحدث أمام الجمهور، والثاني حول الإنصات. في الواقع، لقد فعلت هذا لأثبت وجهة نظر معينة. في غضون أيام قليلة، كان عدد المشاركين في منهج التحدث أمام الجمهور قد تضخم بشدة. في واقع الأمر، لقد اضطررت إلى تقسيم المشاركين إلى صفين بسبب العدد الضخم الذي شارك. أما بالنسبة لمنهج الإنصات، فلم يشارك أحد الجميع كانوا يرغبون في التحدث، ولا أحد كان يرغب في الإنصات.

   إذا فكرت في الأمر، فمن هم الأشخاص الذين تكن لهم أسمي تقدير؟ إنهم هؤلاء الذين ينصتون لك. إننا ننجذب إلى الأشخاص الذين يرغبون في سماع ما نريد قوله. لهذا السبب تكتظ عيادات العديد من الأطباء النفسيين بالزبائن. إن الناس يحتاجون إلى شخص ينصت لهم، حتى إذا كانوا سيدفعون له مائة دولار أو أكثر في الساعة مقابل هذه الميزة.

لكي تكون منصتاً جيداً، ينبغي أن ترغب في أن تكون منصتاً جيداً. يجب أن تجعل كل شخص تتصل به يشعر بأنه مهم. إذا كان رئيس إحدى الشركات أو أحد أعلام المجتمع أو السياسة الذين تكن لهم الاحترام والتقدير يرغب في التحدث إليك، فإنك ستكون كلك آذان صاغية، ولكن إذا كان كناس الشوارع، أو جامع القمامة، أو مدبرة المنزل، أو غاسله الأطباق تربد بضع دقائق من وقتك، فهل ستكون بنفس الانتباه واللطف؟ الأرجح أنك لن تكون كذلك! ولكن لو كان من الممكن أن يختفي جميع هؤلاء من حياتك لمدة أسبوع، فمن الذي ستفتقده أكثر؟ رموز السلطة المهمون، أم أولئك الذين يجعلون حياتك أكثر راحة وسهولة؟ الفكرة المهمة هنا هي أن كل الناس مهمون وينبغي أن تجعلهم يدركون هذا عن طريق الإنصات إليهم.

   عن طريق رغبتك في أن تكون منصتاً جيدأ، سوف تكتشف مدى روعة وقيمة الناس. سيصبح الأشخاص الذين ربما تكون قد أهملتهم وازدريتهم أو اعتبرتهم مملين وغير مهمين فجأة مثيرين للاهتمام. وفي الواقع، ليس هناك أحد غير مثير للاهتمام، ولكن هناك فقط منصتين غير مهتمين أو غير مبالين!