الطموح بمفهومه القديم يستنزف طاقتك، أما الطموح الحقيقي فإنه يحقق لك التوازن. 
إذا كنت تعتقد أن النجاح يعود إلي الحظ، أو إلي العمل علي الوصول إلي الأهداف بلا توقف، فإن هذا لا يُدهشنا علي الإطلاق؛ لأن هذا هو المتعارف عليه في المجتمع الذي نعيش فيه؛ فالبرامج التليفزيونية لدينا ينتشر بها نجوم برامج تليفزيون الواقع، الذين أصبحوا مشهورين، مع أنهم لا يقدمون أي شيء فعلياً، كما تمتليء وسائل الإعلام بقصص المشاهير الذين اشتهروا بين عشية وضحاها، وعلي الرغم من ذلك، فإننا نري حولنا الكثيرين ممن يعملون جاهدين للحصول علي وظيفة، أو للحفاظ علي الوظائف التي يعملون بها . 
"نحن نعيش في مجتمع متغير، ونشط، ومتطور، وفعاًل؛ لذلك علينا دائماً أن نبذل المزيد من الجهود، وأن نحقق الأهداف. ومع ذلك، فإنه مجتمع مليء بالضغوط، يستنزف الطاقة".  
كيلي بيكر، مدربة البيلاتس 
 
كشخص يعمل الآن لمساعدة الناس علي التمتع بسلام داخلي، والحفاظ علي هذا السلام في حياتهم العملية، تعلم مدربة البيلاتس " كيلي بيكر " وتعي تماماً كم يعاني الناس الضغوط في تلك الحياة المعاصرة! وقد ساعدها اهتمامها البالغ بالعلاج الصيني، وكذلك بالفلسفة الصينية، علي التعامل مع الضغط والانهيار العصبي اللذين عانتهما عندما كانت ممثلة شابة في نيويورك، وقد حافظت علي هذا الاهتمام في أثناء تنقلها بين الوظائف المختلفة كمدربة فنون استعراضية، أو ممارسة تقنية ألسكندر، أو مديرة مساعدة في مدرسة للفنون الاستعراضية، أو مصممة استعراضات تعمل في أحد أكثر البرامج شهرة في المملكة المتحدة.  وتعتقد " بيكر " أن حياتنا المعاصرة تحتاج إلي حكمة القدماء من أجل إعادة تنظيمها. "نحن نحتاج إلي التوازن، وإلي الراحة، وإلي التجديد ". قد يكون من الغريب أن نتحدث عن الراحة في كتاب يتحدث عن الطموح، ففي النهاية، أليس من المفترض أن تأتي الراحة في آخر الأمر؟ أليس من الممكن أن تتحول الراحة إلي كسل؟ هل يمكن أن يتوافق الطموح مع الراحة؟  
هذا هو السر وراء الطموح الحقيقي: يمكنك أن تقيًم ما تريد، وإذا كانت هناك طريقة تمكنك من الوصول إلي أهدافك دون أن تخور قواك من الإجهاد، فلم لا تتبعها؟  
"يحتاج الطموح إلي التوازن، وقد يستغرق الأمر وقتاً حتي نصل إلي ذلك". 
داني – لو كار،متخصصة إبداع، ومستشارة إعلامية، وخبيرة في مجال الممارسة الإبداعية 
ليس هناك شك في أن وتيرة الحياة المعاصرة خاصة في المدن، متسارع وكثيرة المطالب، كما أنه من المحتم أيضاً أن تستحوذ إحدى رغباتك – التي غالباً ما تكون متعلقة بالعمل – علي تفكيرك، خاصة في مجال تنافسي، أو في مناخ اقتصادي؛ حيث تكون الوظائف غير متوفرة بشكل كبير. ولكن إذا اهتممت بهذا الجانب من حياتك فقط، فماذا سيحصل للجوانب الأخري؟ إذا كنت تمتلك حديقة، وأوليت اهتمامك كله إلي الأزهار، وأهملت بقية الحديقة،  
فلن يكون المنظر جميلاً، أليس كذلك؟  
ولأنها تعمل مدربة في مجالات الأعمال والفنون، فإن " داني – لو كار" تلاحظ أن الناس يرهقون أنفسهم أملاً في أن يؤدي بهم ذلك إلي ما يريدون. ومع ذلك، فإنها تؤمن بشدة بأن " التركيز المفرط " يعطي نتائج عكسية، وأن العمل حتي السقوط من الإرهاق ليس هو ما ينقلك من الطموح إلي النجاح. وفي هذا السياق تقوا:"قد يستغرق الأمر وقتاً لتحقيق حلمك الأساسي؛ لذلك أنت تحتاج إلي التوازن في حياتك، لكي تحافظ علي تقدمك تجاه هدفك، وحتي لا تستسلم. وينبغي أن يكون هناك توازن في الأشياء التالية: الحب، واحترام الذات، ووقت الفراغ، والرعاية الذاتية، والأصدقاء".  
وغالباً ما يعلم أي شخص حولً أسلوب حياته من العيش بنمط غير صحي إلي عيش حياة صحية كيف يعد تحقيق التوازن أمراً في غاية الصعوبة؛ فاعتياد ابتياع الطعام الطازج، وتعلم كيفية إعداد أطعمة مفيدة وغنية بالعناصر الغذائية، واتباع نظام للياقة البدنية، ومقاومة استخدام أي من الأجهزة الرقمية قبل النوم، لن يكون أي منها سهلاً في البداية. وعلي نطاق أوسع، فإن الحياة المتزنة تتطلب التفكير والتخطيط والمحاولة والتنفيذ. وقد تبدو هذه العملية أمراً صعباً في البداية، ولكن بعد ذلك ستصبح هي كل ما ترغب في اتباعه طوال الوقت. 
وعن طريق الاهتمام بكل مجالات حياتك المختلفة، فإن ما تقوم ببنائه بشكل فعال هو وضع أساس سليم سيساعدك عي تحقيق الأمور التي قد يكون من الصعب تحقيقها.  
أو بعبارة أخري، أنت تقوم بوضع نظام دعم داخلي يقوم بتوجيهك. 
هل نقول حقاً إن الطموح من شأنه أن يثري الفرد؟ 
الطموح الحقيقي عامل إثراء 
إن الطموح بمفهومه القديم لا يثرينا، ولا يدعمنا كأفراد، ولا يساعد علي خلق بيئة عمل صحية، أو عالم، أو مجتمع صحي ككل. ومع ذلك فإن الطموح الحقيقي لا يمنح أحلامنا قوة دافعة فقط، ولكنه يحافظ علي رفاهيتنا أيضاً، وكذلك علي رفاهية الآخرين. وقبل أن تتساءل: هل نتحدث بطريقة تجريدية وفلسفية أم لا؟ تحمل معنا قليلاً. هل سبق لك أن فعلت أياً من الأشياء التالية؟ 
- بذلت جهداً من أجل إعادة تدوير الأشياء  
- كنت الراعي لشخص ما يجمع التبرعات من أجل قضية أو هدف معين 
- قدمت تبرعات إلي الجمعيات الخيرية 
- علمت أحدهم شيئاً تعرفه أنت 
- أعددت كعكة للاحتفال بيوم ميلاد أحدهم 
- دعوت صديقاً لك إلي الخروج يوماً في نزهة 
ما نرمي إليه هنا هو أنه من المرجح أنك تقوم بالفعل بشيء يقدم إليك الدعم، ويمنحك طاقة إيجابية؛ أي أنك بالفعل لست أنانياً. وكما تقول " بيكر" فإننا نعلم أننا " نفرط في الأخذ وعدم العطاء سواء كان ذلك إزاء أنفسنا أو البيئة المحيطة بنا ". إننا نعلم أننا لا بد من أن نعيد منح أنفسنا كأفراد والبشرية ككل، شيئاً ما . 
 
" الطموح هو أن تتحلي بالدافع والحماسة تجاه الوصول إلي هدف واضح ومن أجل غاية إيجابية ". 
داني –لو كار، متخصصة إبداع، ومستشارة إعلامية، وخبيرة في مجال الممارسة الإبداعية 
إننا نعيش في أوقات عصيبة للغاية علي الصعيدين السياسي والاقتصادي؛ فنحن نشاهد الأخبار التي غالباً ما تكون بشعة ومروعة، ولكننا نعيش في أوقات متغيرة مثيرة للغاية أيضاً. وتشير " كار " إلي الموجة الجديدة من " أصحاب المشروعات المجتمعية " الذين يهدفون إلي تصحيح أوضاع المجتمع بجانب كسب أرباح من تلك المشروعات ، مثل " جون " " وسينثيا هاردي " الزوجين اللذين كانا يعملان في السابق في مجال المجوهرات، ودشنًا مدرسة سمياها المدرسة الخضراء، وهي مدرسة شاملة وصديقة للبيئة 2 في بالي بإندونيسيا: " يقدم أصحاب المشروعات المجتمعية نماذج جديدة  للنجاح في مجال الأعمال علي المستوي الفردي، وعلي المستوي المجتمعي، لذلك فالأمر مربح للجميع ".  
وأحد الأسباب التي دفعتنا إلي الشعور بأن هذا هو الوقت المناسب لنشر كتاب عن الطموح هو هذه النماذج الجديدة للنجاح التي أخذت في الظهور مؤخراً. وقد لا يكون الطموح مفهوماً جديداً، ولكنه ليس ثابتاً، بل إنه دائم التغير.