بدلاً من أن أخبرك مباشرة بمعنى الوعي التام ،سأرشدك إلى ذلك من خلال تمارين الوعي التام أو التجارب حتى تستطيع أن تشعر به بنفسك، وبعد ذلك سنراجع هذه التجربة وسنستنبط بعض المبادئ.

ولكي تفعل ذلك ستحتاج إلى إحضار فنجان من الشاي أو أي شيء تود أن تحتسيه. وسأشير إلى المشروب على أنه فنجان من الشاي؛ لذلك إذا كنت تحتسي شيئا آخر ،فتكيف مع ما أكتبه.

ملاحظة: في كل التجارب والتأملات الآتية، سأعطيك في معظم الأحيان توجيهات متبوعة بثلاث نقاط في النهاية: ... . وهنا يعني أن تغلق عينيك وتقضي القليل من الوقت في اكتشاف التوجيه الذي أعطيتك إياه. على سبيل المثال، حين أكتب انتبه إلى أنفاسك... ،لا تنتقل مباشرة إلى التوجيه التالي، بل استغرق بعض الوقت في الانتباه إلى أنفاسك. وبعد فترة وجيزة المدة ترجع إلى اختيارك افتح عينيك واقرأ التوجيه التالي. وإذا كنت تستمع إلى تسجيل صوتي للتأمل أو التجربة، تستطيع أن تغلق عينيك طوال الوقت.

  • لحبة
  • تنوره
  • سيحار
  • سجارة
  • مقعد
  • مجرفة
  • موقد
  • مظله
  • تلغار
  • أقحوان
  • ملعقة٠
  • صاروخ
  • نمر
  • عظمة٠
  • محلة
  • موق
  • سماء
  • زبد
إذا كنت تتبع توجيهاتي إذن فأنت كنت تمارس الوعي التام. لذلك لنراجع ما فعلته. أولاً، انتبهت ... انتبهت لمظهر الكوب ،وإلى شعورك به وهو في يدك، وإلى حرارته. وانتبهت أيضا للشاي نفسه ،وإلى مظهره ،ورائحته، ومذاقه. ومن ثم، استخدمت أكثر من حاسة: حاسة البصر والشم والإحساس والتذوق. ولو كان هناك صوت لكنت طلبت منك أن تنصت إليه أيضا (لا يوجد صوت لكوب الشاي إلا إذا سقط). إن الوعي التام هو الإدراك بكل حواسنا. ويمكن بسهولة أن يساء فهم كلمة الوعي التام؛ لأننا نميل إلى ربط الذهن بالتفكير؛ لذا قد نفترض أن الوعي التام يعني التفكير. ويمكننا أن نكون واعين بأفكارنا ،لكن الوعي التام لا يعني بالضرورة التفكير؛ فالوعي التام هو إدراك التجربة التي نمر بها، أدا ما كانت.

وتحدث هذه التجارب دائما في اللحظة الحاضرة. ونستطيع أن نتذكر بالطبع التجارب الماضية، ونتنبأ بالتجارب المستقبلية ،لكن التجربة الفعلية لا تحدث إلا في الحاضر. ولا يعني الوعي التام أن تمتنع عن استخدام ذاكرتك أو التخطيط لمستقبلك. وقد يكون من المفيد بالطبع أن تفعل هذين الشيئين، لكن
أذهاننا تميل إلى الانزلاق في الماضي أو الحاضر دون أن ندرك أن هذا يحدث، وهو ما يعني أننا نهدر الكثير من حياتنا شاردي الذهن ،غير مدركين للحظة التي نمر بها ،أو متعايشين مع حياتنا بينما نمضي قدما. وربما كان الأمر سيصبح صادقا لو كنا قادرين على حساب مجموع الأوقات التي شردنا فيها عما يحدث بالفعل حولنا أو بداخلنا. كم أهدرنا من حياتنا؟ لقد قرأت مؤخرا أن الشخص البالغ يقضي ثلاثة أعوام ونصف من حياته في قيادة السيارة. أتساءل كم عاما يقضيه الشخص البالغ شاردا عن حاضره؟

هل شرد ذهنك في أي وقت في أثناء تأدية التمرين؟ إذا كان ذلك هو ما حدث ،فربما تكون قد لاحظت ذلك ولو لمرة واحدة ،حين وصلت إلى – أجل ،من المفترض أن أؤدي هذا التمرين وأتوقع أنك عدت بعدها إلى إدراك كوب الشاي.

إن أي شخص يمارس الوعي التام يفعل هذا كثيرا. فقد يتمكن عدد قليل من الناس من البقاء واعين طوال الوقت ،لكن بالنسبة لمعظمنا يتمثل الوعي التام في" العودة" إلى اللحظة الحاضرة.

تعريفات للوعي التام

إذن ،بناء على هذه التجربة ،نستطيع أن نقدم أحد تعريفات الوعي التام. وإليك تعريفا يعجبني عرفته من معلم تأمل يدعى دار مشاري بودباكش: الوعي التام هو جهد يسير يبذل للتعايش باستمرار مع التجربة التي يمر بها المرء في الوقت الحاضر.
إن الوعي التام يستلزم بذل بعض الجهد ،ويستلزم بذل القليل من الجهد للعودة إلى اللحظة الحاضرة مرارا وتكرارا، لكنه جهد يسير؛ فهو لا يماثل الجهد اللازم لإعادة طفل صغير لطاولة العشاء.