يصنف العلماء الطيور إلى مجموعتين كبيرتين: طيور البر، وطيور الماء. والكثير من طيور الماء يحب البحر حقاً.

وأقدامها مُكففة تستعمل كالمجاديف، وريشها غير قابل للبلل، وهي لا تكون سعيدة أبداً بعيداً عن صوت الأمواج ورائحة رذاذ الماء المالح.

وأكثر طيور الماء شراسة وطلاقة هي طيور الألباتروس (الفطرس)، وأحد أنواع هذه الأسرة كبير، وقد يكون ما بين طرفي جناحيه المنتشرين ثلاثة أمتار أو أكثر، ومع أن جسمه ثقيل نوعاً ما إلا أنه بطل الطيران للمسافات البعيدة، فهو يتبع السفن لمدة أيام، محلقاً في الهواء، قلما يحرك جناحيه.

وهو الروح الحق للبحار المنعزلة على ما يبدو، وعبور المحيط نوع من الرياضة بالنسبة له ويدعي البحارة أنه يستطيع أن ينام وهو طائر.

وهو يستطيع طبعاً أن يمتطي الأمواج أحسن من أي قارب، ويحلق في الهواء كلما راق له ذلك.  وعندما تقترب الباخرة التي يتبعها من البر يتركها ويتبع باخرة أخرى إلى خارج البحر وتذهب طيور الآلباتروس إلى الشاطئ فقط لتضع بيضها وتربي صغارها، فالبحر هو بينها.

والأكثر رشاقة من الفطرس طائر الفرقاطة الذي يوجد في البحار الحارة المدارية وله جناحان يشبهان المنجل، وقد يصل ما بين طرفيهما وهما منتشران مترين ونصف المتر، وذيله طويل ومشقوق مثل ذيل عصفور الجنة.  وهو يدور في الهواء دون مجهود، ويبدو أنه بحب الطيران، ولكنه لم كبير، فهو يرغم الطيور الأبطأ منه على أن تقتسم معه ما تقتنصه من أسماك.

وأغلب طيور البحر تصيد الأسماك، ولعل أكثرها مهارة هو غراب البحر. وهو يسبح تحت الماء مستعملا كلا من جناحيه وقدميه. وقد صيد واحد منها في مصيدة للسرطانات على عمق ستة وثلاثين متراً. ويستأنس اليابانيون غربان البحر الصيد السمك، ويضعون طوقاً حول عنق الطائر لكي يتعذر عليه ابتلاع ما يقتنصه.

وجلب الماء طائر بحري غريب. وهو قصير مقرفص ويبدو وكأنه يرتدي معطفا أسود وقميصاً أبي. وله منقار كبير مخطط بأصفر وأزرق وأحمر.

ويبدو كأنه يلبس قناعاً، فلا غرو أن يسميه البحارة ببغاء البحر. ولكن منقاره مفيد في مسك السمك وفي حفر جحور على الشاطئ يبني فيها عشه. وطيور النورس وخطاف البحر معروفة لنا أكثر من طيور البحر الأخرى، ومع أنها طيور بحر حقيقية، فهي غالباً ما توجد فوق البحيرات العذبة.

وتتغذى طيور النورس على الأسماك الميتة التي توجد في منطقة المد والجزر، ولعملها المفيد هذا |بحرم القانون صيدها. وطيور خطاف البحر أصغر حجماً وهي ماهرة في الغطس.

 وصائدو الأسماك غالباً ما يراقبونها، وعندما يرونها تندفع غاطسة في الماء يعرفون أن السمك موجود هناك. ويوجد نوع يسمي الخطاف القطي يبني عشه في الصيف في أقصى الشمال، ثم يطير 17.000 كيلومتر أو أكثر ليقضي الشتاء في المنطقة القطبية الجنوبية، وهو لابد بحجب ضوء الشمس أكثر من أي مخلوق آخر، فهو يقضى ثمانية شهور في السنة في أماكن لا تغيب عنها الشمس أبداً. أما هجرة القطقاط الذهبي فهي أكثر عجباً، فهو بطير من الاسكا إلى جزر هاواي، وهي مسافة ۳۸۰۰ كيلومتر. أما كيف يستطيع أن يجد تلك الجزر في المحيط الهادي الواسع فهو أمر غامض.

والبجع طائر غريب المظهر يمكن لمنقاره أن يحوي من الأسماك أكثر مما يتسع له بطنه، وهو طائر كبير قد يصل ما بين طرفي جناحيه ثلاثة أمتار أو أكثر، وهو يرتبك ولحمة، في حركته، ولكن أحسن الغطاسين يمكن أن يتعلموا منه عندما يرتطم بالأمواج ويندفع مباشرة تحت الماء خلف سمكة يكون قد رآها من الجو.

وهو يتجمع على بعض الجزر على طول سواحل أمريكا الجنوبية، مكونا ما قد نسميه مدن الطيور. وهذه عبارة عن تجمعات عظيمة من الطيور قد يكون عددها مليوناً أو أكثر. وفي مثل هذه الجزر في بيرو يظن أن طيور البجع تمسك وتأكل ألف طن من الأسماك يوميا.

وطيور النو هي طيور بحر جميلة الشكل، وسماها البحارة بهذا الاسم لظنهم أنها تظهر قبل الزوابع، وهي تطير في مجموعات صغيرة ملامسة للأمواج تقريباً كما لو كانت تلهو، وتوجد على بعد مئات الكيلومترات من الشاطئ.

ويحصل الكثير من طيور الشاطئ على غذائه من البحر، ومن هذه الطيور الطيطوى، وهي تتسابق على طول حافة الأمواج على الشواطئ الرملية، وهناك تلتقط مخلوقات دقيقة تشبه الجمبري الصغير تكشفها الأمواج. وهي وإن كانت صغيرة إلا أنها تجري بسرعة عظيمة.

وفي الجزر الصخرية على طول سواحل أسكتلندا يجمع الناس بيض طيور البحر ويأكلونه، ويعتمد الإسكيمو في أقصى الشمال على الطيور صغيرة تعرف بام البحر يمسكونها في الهواء بشباك يدوية كما يصطاد الإنسان السمك، ويخزنون الكثير من هذا الحمام الاستعماله كطعام في فصل الشتاء كما تصنع من جلوده ذات الزغب ملابس داخلية مدفئة.

وأغرب طيور البحر كلها هي التي لا تستطيع الطيران، وهي طيور البطريق التي توجد أساساً في المنطقة القطبية الجنوبية، وقد أصبحت أجنحتها عبارة عن زعانف مطاطية تساعدها على القفز نحت الماء في مطاردة الأسماك.

 وهي عندما ترى الناس - وهذا قلما يحدث - لا يظهر عليها أي خوف، وتبدو أليفة وهي تقف منتصبة، وتنحني وتحدث أصواتا غريبة وكأنها تتكلم، وهي دون الطيور كلها تبدو عظيمة الشبه بالإنسان، وعادة يكون صدرها أبيض وجسمها أسود. ولكن أكبر طيور البطريق، ويسمى الإمبراطور، له صدر ذهبي، وقد يكون طوله وهو منتصب حوالي المتر ونصف المتر ويزن أربعين كيلوجراماً.

وقد حاول أحد العلماء أن يمسك واحداً منها فطرحه الطائر أرضاً وقفز على صدره. ولما كانت هذه الطيور تعيش في أسوأ مناخ في الدنيا فإنها تفقس صغارها تحت كومات الثلج. وهي لا تبالي بالبرد والزوابع لأنها لم تعرف قط أي مناخ آخر.

وفي بعض الأحيان يذهب الكثير من طيور البر إلى البحر. والإوز البري غالباً ما يفعل ذلك عندما يطير جنوباً في فصل الشتاء. وهو يطير في مجموعة شبيهة بالرقم ۷، ويطير في مقدمة المجموعة ذكر متقدم في السن تبدو عليه الخبرة والحكمة، فهو يكون قد قام برحلات كثيرة مشابهة، ويعرف أحسن أماكن التوقف. وأنت ربما سمعت الإوز البري وهو طائر يحدث أصواتاً وكأنها سيارات بعيدة.

وحتى الطيور الطنانة، وهي أصغر الطيور كلها تطير ۸۰۰ كيلومتر عبر خليج المكسيك إلى أمريكا الوسطى والجنوبية. والطيور التي ذكرناها ما هي إلا أنواع قليلة من الطيور التي تحصل على غذائها من البحر أو تعبره في رحلات طويلة إلى أراض بعيدة.