عضلات العنق

افحص عضلات عنقك، فإذا كنت معتاداً على كثرة الجلوس، فمن الأرجح أنها مترهلة ضامرة في جانبها الخلفي لقلة الاستعمال، ومتوترة مشدودة على الجانبين من تواصل الإجهاد. وهناك أعداد لا تحصى من الناس تنتابهم آلام العنق، ويعزون هذا إلى إجهاد العمل المتواصل أو التعرض للبرد أو التعب العام، بينما يتوارى السبب الحقيقي وراء الأسلوب الخاطئ في التعامل مع هذا العضو الهام، فيصيبهم الألم والإرهاق قبل أن يبذلوا ما يساوي جهدهم، ذلك لأن تشكيل الفقرات العنقية إذا أصابه الخلل، يعيق الدورة الدموية عن الوصول إلى الدماغ بصورة طبيعية، مما يزيد من التوتر الذهني، فإذا كنت أحد هؤلاء الضحايا اللا معدودين.

إليك بعض الحلول تعالج بها ذلك العنق المنهك:

۱) رفع الرأس:

اثن عنقك إلى الأمام، ثم ثبت يديك خلف رأسك بحيث تتلاصق أطراف أصابعك خلف قاعدة الجمجمة.

. بكليتي يديك ارفع رأسك بقوة إلى أعلى محمداً بهذا عضلات العنق.

. مارس هذا التمرين مرة كل نصف ساعة كي تتخلص من آلام الجانب الخلفي متي شعرت بها.

۲) دورة الرأس

دعنا نباشر العمل في تليين عضلات العنق، لنخلصها من التوتر ونقويها حتى تكون جديرة بشرف حمل قائد الجسد الأعلى، ألا وهو الرأس. ومن الثابت أن الجلوس مدة طويلة بعنق محني يساعد على تيبس عضلاته، ومع أن عنق الطفل لدن مرن، إلا أنه سرعان ما يفقد هذه الصفات بعد تركه للتصرفات الغريزية التي تتميز بالحركة المستمرة فتفقد عضلات العنق مرونتها وتسبب تلك الطاقة المحصورة بها آلاماً وتوتراً.

وإليك طريقتين الغرض منها تليين ذلك العنق:

أ- دورة الرأس الصغرى

1- دلك فقرات العنق، عند قاعدته وعلى جانبيه بأطراف أصابعك، وذلك بتحريكها حركة دائرية بطيئة.

۲- ثبت يديك خلف العنق، بحيث يتلامس إصبعا الخنصر تحت قاعدة الجمجمة مباشرة.

3- بعد الشهيق، حوّل ذقنك إلى جهة اليمين حتى تشعر بالشد في منطقة اللغد، ثم إلى أعلى، فاليسار، ثم إلى الأسفل، وهكذا مثل الدوران عكس عقارب الساعة، مع الحرص على تثبيت العنق باليدين أثناء ذلك.

4- والآن حوّل اتجاه الدوران بحيث يكون مع عقارب الساعة، أي باتجاه اليمين حتى لا تصاب بالدوار.

5- أعد الكرّة بضع مرات في الاتجاهين.

6- زاول هذه العادة مرة كل ساعة يومياً ولمدة أسبوع، لتكتشف بعد هذا أن عنقك أصبح أكثر استقامة وأن شكله قد تحسن بعد أوبة العضلات إلى طبيعتها المرنة المسترخية. من فوائد دورة الرأس الصغرى، اكتساب عادة التنفس العميق، كما أنها على غير ما تتوقع تقي من ترهل اللغد أو تزيله تدريجياً إذا وجد. وأحب أن أنبه ألا تأخذ نصائح هذا الكتاب كأنها المسلمات، بل جربها أولاً، فالقارئ الذكي هو الذي يشك دائماً حتى يتأكد بنفسه.

ب- دورة الرأس الكبرى:

يطمح هذا التمرين إلى التأثير على العضلات التي تصل بين الجذع والكتفين والعنق، وهذه الأجزاء منبع للآلام عند نسبة مرتفعة من الناس، ويتطلب هذا التمرين وقتاً وتركيزاً في إتقانه، ولكنه وسيلة ناجعة في علاج التوترات المستشرية بهذه المنطقة الحساسة. يتركز مجرى الدورة الدموية من وإلى الدماغ تحت مجموعة العضلات على جانبي العنق، وكلما زادت ساعات الجلوس عَلَم خطر إجهاد هذه العضلات وفقدانها لمرونتها، مما يضعف من الدورة الدموية المتصلة بالدماغ.

1- اجلس أو قف منتصباً، ثم أحن رأسك إلى الأمام حتى

يلا مس الذقن أعلى صدرك وبرفق، مع الحرص على استرخاء الفك السفلي تماماً.

٢- الآن، استنشق الهواء عبر أنفك، وبينما أنت مستمر في الشهيق،

ابدأ بثني رأسك لليمين مع تثبيت الكتفين، وستشعر بشد في العضلات قد يؤلمك قليلاً.

3- حرك رأسك إلى الخلف مع استمرار الشد حتى يتجه وجهك إلى أعلى... توقف هنا لحظة حتى تشعر بالرأس متدل ومشدود بعضلات العنق الخلفية، أما الجهة الأمامية للعنق فمسترخية جيداً.

٤- أكمل دورة الرأس بثني العنق إلى الجهة اليسرى ثم الأمامية حتى يلامس الذقن أعلى الصدر مرة أخرى.

5- قرب بين لوحي الكتفين بتحريكهما إلى الوراء والداخل حتى يعود رأسك إلى نصابه الطبيعي.

أ- أعد الكرة مبتدئاً بالجهة اليسرى.

إذا كانت عضلات الظهر والعنق والكتفين قد استكانت إلى ضعف الحركة والأداء، فحري بك أن تشعر بتصلبها العنيف أثناء مزاولة هذا التمرين، ثم تكتشف بعد مضي أسابيع أنها بدأت في التحلحل والمقدرة على العمل مدة أطول من غير شكوى أو الم. الإحساس بالتشكيل الجسدي ونعني بهذه الجملة تنمية الإحساس بالأعضاء والأطراف وعلاقاتها ببعضها، والترابط بينها للشعور بالشكل الجسدي المتناسق. والآن بعد أن تكشفت لك مواضع الألم في منطقتي الرأس والعنق وكيفية تليين عضلاتها.

إليك إحدى وسائل تنمية الإحساس بالتشكيل الجسدي ليمنحك شعوراً غريزياً بالتناسق:

1- قف ملاصقاً ظهرك إلى الجدار، وكعباك ملامسان له، مع المحافظة على توازي القدمين.

۲- دع ردفيك يلمسان الحائط، ثم لوحي الكتفين... والآن مؤخرة رأسك وأخيراً ذراعيك. ستشعر بشد قوي على الحبل الشوكي والعنق من خلال الفقرات العنقية، وهذا هو بيت القصيد، فحافظ على وضعك لدقائق معدودة، واستمتع بعملية التنفس كأنها موجات متتابعة تتخلل جسدك.

۳- ابتعد عن الجدار لتلاحظ أنك ما زلت تشعر بالشد ولمدة طويلة بعد انتهاء التمرين.

من المفيد أن تقوم بهذا التمرين صباحاً قبل التوجه إلى العمل، ولمدة أسبوع، فسيني فيك إحساساً جديداً بأعضائك ويضفي عليها في مشيك وجلوسك تناسقاً وانسجاماً.

قد يتملكك إحساس بالشد في عنقك بعد استهلال التمارين السابقة، وهذا برهان ساطع على مدى حاجتك للعناية بعضلاتك. وكلما تحسنت مقدرتها، أصبحت أقدر على حمل رأسك، ولا تقتصر أهمية هذا في الوقاية من سرعة إجهادها وتوترها، بل في تأثيرها على مزاجك ونظرتك للأمور أيضاً، وأعني (نظرتك للأمور) حرفياً، جرب بنفسك وامش منكساً رأسك ناظراً إلى الأرض، ثم ارفعه شامخاً متوجهاً إلى الأمام، ستلاحظ أن التحسن لا يكون في مجال الرؤية فقط ولكن في الانطباع الذي يتركه من ثقة وإحساس بالتكافؤ، فمن ينظر إلى الأمور من موقع أدنى، بدت له أضخم مما هي حقيقة.