قبائل البدو قديماً في شبه الجزيرة العربية

قديماً كان كل قبيلة من قبائل البدو، يرأسها قائد يطلق عليه شيخ ، يبسط سلطانه على الجزء الخاص بقبيلته من الصحراء، ويبلغ حوالى ۲۰۰ كيلو متر عرضا و ۳۲۰ كيلو متر طولا (۱۲۰ و ۲۰۰ ميل على التوالي) ويحتوي على عدد محدود على الأقل من الآبار أو الينابيع. ومن يونية (حزيران) إلى أكتوبر (تشرين الأول )، عندما ترتفع درجة الحرارة إلى حوالى 49° م (۱۲۰°ف) كل يوم تقريباً، تبقى القبيلة قرب مصدر الماء.

وبعدئذ عندما تصل الأمطار ، يكومون خيامهم ، ويقودون قطعانهم لترعى النباتات الخضراء السريعة النمو المنتشرة هنا وهناك على أرض الصحراء القاحلة.

وخيمة البدوي المصنوعة من شعر الماعز أو صوف "الضأن"، بعد نسجه وصبغه باللون الأسود أو البني، يمكن أن تقام بسرعة، كما يمكن أن تهدم  بالسرعة ذاتها . وهي تشد بأحبال إلى أوتاد تغرس في الأرض. ويمكن رفع جوانبها لتسمح بدخول نسيم الصحراء، أو تخفض لحجز البرد القارس في  الصحراء ليلا خارجاً. وتقوم الستائر مقام الجدران التي تفصل أجزاءها ،فهناك جزء للرجال وآخر للنساء والأطفال.

حياة العربي ساكن شبه الجزيرة العربية قديماً:

وقطعان البدوي ثروته الكبرى، ويندر أن يقتنى حصاناً من الخيول العربية الشهيرة، لارتفاع ثمنها جدا ؛ فالحصان الواحد ثمنه قدر ثمن عشرة من الجمال الجيدة التي تحمل الأثقال. ثم إن الخيل لا تناسب معيشة الصحراء مناسبة طيبة ؛ فهي لا نستطيع السير طويلا بلا ماء . وهي لا تستطيع أن ترعى نباتات الصحراء الخشنة.

وأقدامها ذات حوافر تغوص في الرمل لمسافة عميقة. فحيوانات البدوي هي: الجمال والماعز والخراف. والبدري يعتمد على الحمل باعتباره حيوانه المخصص لحمل الأثقال، وهو يغزل وبر الحمل خيوطاً وأحبالا ويستخدم روث الحمل وقوداً ، شأن البدوى في ذلك شأن الرحل في الغربي والصحراء الكبرى.

وخرافه تزوده بالصوف، وماعزه بالحليب والحين وهما جزءان مهمان في غذائه. وهو يكاد لا يقتل حيواناً ليأكل لحمه. ولكن إذا قتل جمل ، مثلا ، بالمصادفة أو ذبح لأنه صار مسنّا لا يقوى على العمل، فإن البدوى يقيم ويمة على لحم الجمل الصعب التقطيع، ويحتفظ بالدهن الذي في المنام للطهو، ويصنع من الجلد قربا للماء وأحزمة ونعالا.

وثمة شيء أساسي في وجبة العربي، بجانب الحليب والجبن، هو التمر وعجينة متماسكة تصنع بغلى الذرة أو الدخن أو الذرة و العويجة ، في ماء ملح.

ويملك كثير من قبائل البدو حقول نخيل لهم. ويجب على غيرهم أن يبيعوا الصوف أو أية مادة قيمة أخرى ليحصلوا على ذلك الغذاء الحيوي في الصحراء. ومن يسكنون قرب الشواطئ يأكلون سمكة مجففاً أو مملحاً بين الحين والحين.

والبدو جميعاً يقتلون ويأكلون كل حيوان صيد وحشي يمكنهم العثور عليه ، مثل الغزلان والذئاب والثعالب والموس والضباع والحرازين الصحراوية. وعندما تهبط أسراب المراد بصورة وبائية على الصحراء ، فإنهم يجمعون ما يتيسر جمعه من هذه الحشرات.

العرب الرُحّل :

فإن أحد أغذيهم المفضلة هو الجراد المجفف . والعرب الرُحّل يرتابون في معظم زوار معسكرهم، ولكن إذا وصل ضيف مفضال موثوق فيه ، فإنهم يقدمون إليه قهوة عربية متبلة قوية ، غليت في إناء ذي ميزاب طويل فوق نار هادئة في الرمل . وفي الوقت ذاته تعد النساء أشهى الأدب التي تستطيع القبيلة تقديمها.

وعندما يسامر شيخ غني ضيفاً هامّا، قد يصل به الكرم إلى أن يأمر بذبح أحد حيواناته وشيه. وإحدى الولائم العربية الكثيرة التعقيد، تتكون من جمل مشوي ومحشو بخروف ، والحروف نفسه محشو بطائر ، والطائر ذاته محشو بالبيض.

ويقدم الأكل على موائد ضخمة أقيمت على سجاجيد مفروشة على الأرض الرملية في جانب الرجال من خيمة الشيخ.

ويجلس المضيف وضيوفه والرجال وكبار السن على وسائد حول الموائد ، ويجرفون الطعام بأصابع أياديهم اليمني، وعندما تمتلى بطونهم بالأكل يحمل الرجال الأصغر سنا منهم مكانهم . وترفع أخيراً بقايا الوليمة إلى مكان آخر لتجهز عليها النسوة والأطفال.

وإلى عهد قريب نوعاً كان معظم القبائل البدوية مغيرين قساة.

فكان يغير بعضهم على بعض، وكانوا يغيرون على القوافل المحملة بالثروات والتي تخترق الصحراء، واليوم منعت كثيراً من الغارات قوات حكومية قوية مزودة بعربات مسلحة وبطائرات. ولكن حتى اليوم يحدث أحيانًا أن يحاول شيخ جريء، مدفوعاً بحبه للقتال أو بفقر قبيلته، أن يهجم على واحة غنية هجوما خاطفة.

وهو يعرف أنه وأهله سيعاقبون بموجب القانون إن ضبطوا ومعهم حيوانات مسروقة أو غنائم أخرى. ولكنه يعرف أيضاً أن لديه فرصة طيبة للهرب في المناطق الشاسعة الخالية من الطرق والي يعرفها المهرة وحدهم من ركاب الجمال الصحراوية القوية.