محتويات:

أنواع الإختبارات النفسية:

تتنوع الاختبارات فيما بينها في دراسة الفرد، فمن حيث الموضوع فهي اختبارات للذكاء العام، والقدرات، والتحصيل... والميول والاتجاهات والسمات... ومن حيث الإجراء فهي إما فردية او جماعية. وعادة تكون هذه الاختبارات إما لفظية تعتمد على اللغة، وأما عملية تعتمد على ترتيب المواد والأشياء.

أما أنواع الاختبارات التي يشيع استخدامها في الممارسة العيادية وفي الفحص النفساني فإنه يمكن تصنيفها على أساس الوظائف التي يفترض أن تقيسها هذه الاختبارات، وهي تشمل مجموعتين رئيسيتين من الوظائف: الوظائف الذهنية وخصائص الشخصية.

أولاً: اختبارات الوظائف الذهنية:

تشمل اختبارات الوظائف الذهنية Fonction intellectuels اختبارات الذكاء والاستعدادات الخاصة، والقدرة على التجريد.

وتشمل هذه الوظائف القدرات اللفظية والقدرات الأدائية، كما هو حال اختیار «ستالفورد – بيئيه»، واختبار «وکسلر»، للذكاء. وهذه الاختبارات يمكن تطبيقها في مرحلة الطفولة ما قبل المدرسة أو مرحلة الطفولة، والمراهقة والرشد.

ويمكن التمييز بين اختبارات الاستعدادات واختبارات التحصيل أو الإنجاز التي تهدف الى تقدير ما حصله الفرد من منهج دراسي أو برنامج تدريسي؛ مثل: الامتحانات المدرسية واختبارات التحصيل التي تشمل المستوى التعليمي كله من المرحلة الابتدائية الى المرحلة الجامعية.

غير أن الفرق بين اختبارات الاستعدادات والتحصيل هو فرق نسبي، حيث أن كلا منهما يمكن استخدامه في ظروف معينة لتقرير تأثير الخبرة وللتنبؤ بالتحصيل.

  • إن اختبارات التحصیل Acquisition تشمل على امتحانات في مواد معينة من موادالمنهج الدراسي؛ أي تعتمد على تحديد الأعمار التحصيلية لكل مادة أو تحديد المستويات التحصيلية بمستويات الذكاء المختلفة. فهي تهدف إلى تقرير ما حصله الفرد من منهج دراسي معين.
  • أما اختبارات الاستعدادات Attitudes فهي تشمل طائفة كبيرة من القدرات الخاصة: الفنية، الموسيقية، الكتابية... وهي تقيس ما لدى الفرد من احتمالات النجاح أو الفشل في تلك الجوانب.

ويمكن القول ان اختبارات الوظائف الذهنية أو العقلية تكشف لنا عن قدرات الفرد العقلية وامكانياته واستعداداته الخاصة. وعلى ضوء نتائجها يمكن لنا أن نوجه الفرد الى العمل المناسب لقدراته.

مستويات مقياس الذكاء لدى رابين:

ويصنف «رابين» Rabin استخدام مقاييس الذكاء الى مستويات،  أهمها ما يلي:

1- استخدام مؤشرات كمية للوظيفة العقلية كما تتمثل في نسبة الذكاء، وتتمثل أوجه استخدام هذا المؤشر في الأمور التالية:

  • أ- دراسة التفاوت بين نسبة الذكاء والتحصيل المدرسي، فقد يكون ذلك علامة على اضطراب انفعالي يتطلب تدخلاً علاجياً.
  • ب - تشخيص التخلف العقلي، من حيث أن نسبة الذكاء تعتبر مؤشراً هاماً لتحديد مستوى ذكاء الفرد وتقويمه: عادياً، متخلفاً أو متأخراً، متفوقاً...
  • ج. التوجيه المهني ونسبة الذكاء، فهناك ارتباط بين المستوى المهني ونسبة الذكاء
  • د- التنبؤ عن الفعالية لعلاج معين: فمثلا يستحيل أن يستجيب المتخلف عقلية والغبي للتحليل النفسي وغيره من الأساليب العلاجية التي تعتمد على التداعي الحمر، والتعبير اللفظي والتجريد.

2 - التشتت داخل الاختبار الواحد، والذي يتمثل في الفشل في فقرات او أسئلة سهلة والنجاح في فترات صعبة في الاختبار الواحد.

3- التحليل الكيفي للاستجابات: وهذا يتطلب من الأخصائي أن يعرف طبيعة الاختبارات والى ما يقيسه كل اختبار، والدلالة النفسية لمختلف الاستجابات. إذ يتحدد أداء الفرد في أي اختبار بعوامل نفسية معينة، مثل الحالة الانفعالية، والدافعية، والعوامل اللاواعية وما لها من تأثير على مستوى الأداء. لذلك يتعين على الأخصائي النفسي أن ينتبه الى كل هذه العوامل ومدى تأثيرها على أداء المفحوص في الموقف الاختباري([1]).

 

ثانياً:  الاختبارات النفسية الشخصية:

تشتمل اختبارات الشخصية عددًا متنوعاً من الاختبارات لقياس خصائص الشخصية، وأكثر أنواع الاختبارات شيوعًا هي:

  1. اختبارات من نوع الاستبيان Questionnaire او اختبارات التقدير الذاتي التي تستخدم الورقة والقلم وتكون الإجابة: «نعم - لا»، مثل اختبار الشخصية المتعدد الأوجه, هذه الاختبارات تقيس جانباً محدداً من الشخصية، أي أنها تقيس سمات الطبع أو الفئات المرضية ([2]).
  2.  وقد تكون الاختبارات من النوع الإسقاطي التي تكون المثيرات فيها أقل تحديداً في بنیانها، أي غامضة أو مبهمة نوعا ما؛ مثل اختبار التداعي الحر، واختبارات «بقع الحبر»، ل «روشاخ»، «وتفهم الموضوع»، لـ «موراي»، واختبارات الرسم، واللعب. وتقوم معظم هذه الاختبارات على أساس محاكاة مواقف الحياة اليومية، وتلاحظ استجابات المفحوص لها بغير معرفته.

 فالاختبارات الإسقاطية تنظر الى الشخصية كعملية دينامية. وهي تشير الى بعض الوسائل غير المباشرة في دراسة الشخصية والتي بواسطتها يمكن الكشف عن شخصية الفرد نتيجة ما تقدمه من مادة معينة يسقط عليها الفرد حاجاته ودوافعه ومدركاته ورغباته ومشاعره دون أن ينطن إلى ما يقوم به من عملية

ومن هنا يمكن القول أن التفسيرات التي يقدمها المفحوص بالنسبة للمثير الغامض يمكن أن توقفنا على كثير من جوانب شخصيته.

الإختبارات الإسقاطية والإختبارات الموضوعية:

وهنا تختلف الاختبارات الاسقاطية عن الاختبارات الموضوعية (اختبارات الذكاء)، ففي الاختبار الموضوعي تكون هناك إجابات صحيحة وأخرى خاطئة.

أما في الاختبار الإسقاطي، فإن الفرد يسقط على المادة مشاعره ورغباته ومخاوفه ومآزمه الواعية واللاواعية، ان ميزة هذا النوع من الاختبارات هو أنه يحاول أن يعطي صورة عن الشخصية ككل ودراسة مكوناتها وما بينها من علاقات دينامية.

 لا شك أن "فرويد" Freud قد أعطى أهمية جديدة للدراسة النفسية للشخصية المتمحورة حول الفرد وتاريخه، مقيمة تجربة الطفل المعاشة.

لقد حمل التحليل النفسي تأويلاً أصيلاً تحت شکل نظرية دينامية متمحورة حول مفاهيم: اللاوعي، النزوات، الجنسية... فالشخصية هي مكان نفسي داخلي يتكون دينامية حسب تاريخ الفرد بممارسة بعض الوظائف الأساسية بالنسبة له ([3]).

أهمية تعدد أنواع الإختبارات النفسية:

يمكن القول أن هذه الأنواع من الاختبارات المختلفة تؤدي الى وظائف مختلفة في المواقف العيادية، مثل تحديد المستوى العقلي للفرد بقصد مساعدته أو توجيهه، أو تشخيص ضعف عقلي أو اضطراب عصابي، أو ذهاني.

كما تؤدي إلى الكشف عن قدرات الفرد وامكانياته، وعن الجوانب المختلفة للشخصية، وتشخيص الحالات السوية والمرضية، ومعرفة ما يعانيه الفرد من مشكلات. تبرز في الموقف الاختباري تماهيات الفرد واسقاطاته، ومآزمه، إذ يسمح الاستذكار والملاحظة العيادية المباشرة بدراسة تاريخ الفرد.

إن أكثر أنواع الاختبارات شيوعا. أثناء الفحص النفساني هي اختبارات الذكاء العام على اختلاف أنواعها، واختبارات الشخصية و(الاسقاطية وغير الاسقاطية).

ويمكن القول أن الأداء على كل الاختبارات مهما كان نوعها يعكس بدرجات متفاوتة إسقاطات الشخصية الكلية، لأن استجابة المفحوص لأي اختبار تتأثر بكل من قدراته ودوافعه وانفعالاته وميوله.

ولهذا، يمكن التوصل الى نهم أعمق وأكثر شمولا لشخصية المفحوص ومشكلاته عن طريق استخدام النوعين من الاختبارات (الذكاء والشخصية) ودراسة الاتفاق أو الاختلاف بين النتائج.

مجالات التعاون بين المنهجين العيادي والقياسي في الإختبارات النفسية:

على الرغم من الجدال حول المقارنة بين المنهج القياسي (التجريبي) والمنهج العيادي في دراسة الإنسان وفهم شخصيته، فانهما يتبادلا العون. وأكثر ما يتضح ذلك التعاون هر في مجال المقاييس والاختبارات في النقاط التالية:

1- أن المقاييس لم تنبثق جاهزة من فكر عبقري «لأخصائي القياس النفسي»: بل هي النتيجة التي ينتهي اليها، ويتبلور عندها جهد شاق، ليس فقط من القياس والاحصاء، وانما أيضا من الاستطلاع والمحاولة، باختصار من الملاحظة العيادية. ففكرة الاختبار هي من أصل عيادي، كما ترتكز دلالة النتيجة العددية أيضا على الارتباطات ما بين طرائق الاستجابة للمقياس والمعطيات العيادية.

2- أن النفساني العيادي لن يخسر شيئا، ان هو حل فروضه عن طريق القياس، أو أن هو استخدم المقاييس ليستشير مادة عيادية متخفية. فالمقاييس بالنسبة له ليست فقط أدوات قياس وتحقيق، وإنما هي أيضا منشط وكاشف للاستجابات.

3- أن كل ممارس سيكولوجي، ينبغي أن يكون عيادية أو يكون باحثة، وليس مجرد إنسان ميكانيكي أو آلي.

4- الاستخدام العيادي - التجريبي للمقاییس المقننة Tests standardises: يستهدف الاستخدام القياسي للمقاييس نتيجة موضوعية قابلة للقياس، هي نتاج السلوك، ولكن المقياس يمكنه أيضا أن يستخدم كموقف تجریبی، وحينئذٍ تسجَل الملاحظة العيادية، الوحدة الكلية للاستجابات الخارجية والفيزيولوجية والشعورية، كما تسجل دينامية تكيف الشخص للموقف الاجتماعي، ولمسالكه الخاصة. ومقاییس الأداء Performance هي أكثر من المقاييس اللفظية صلاحية لمثل هذا الاستخدام العيادي - التجريبي تحقيقا لأهداف تتصل بعلم النفس الفردي.

5- أن الإجابات على المقاييس هي على درجة من التعقيد، فلكي يكون التسجيل الكامل ممكنا من الناحية النظرية، وحتى يكون التفريع والتطور الاحصائيين دقيقين، فإن ملاحظة وتأويل السلوك والنتائج ينتسبان إلى النظرة العيادية، والى التصور الدينامي للسلوك. وأشهر نمط لهذه الاختبارات هو اختبار «روشاخ»، وكذلك اختبار اتفهم الموضوع».

6- أن الاختبار، سواء كان قياسياً أو عيادياً، لا يقدم الاّ معطيات جزئية، ويقع على عانق النظرة العيادية أن تضطلع بتحديد مكان هذه المعطيات من الكل باستخلاص ما للأداء من دلالة، تماما كما اضطلعت هذه النزعة بتحديد التعليمات الخاصة بالاختبار.

وهكذا، فان كل بحث وكل تطبيق سيكولوجي عياني يستعين بالنظرة العيادية وبالمنهج العيادي، وبالعكس فإن علم النفس العيادي الإكلينيكي) يزيد من فاعليته حين يتسلح بالمقاييس. وعلى هذا النحو فقط يستطيع النفساني العيادي واخصائي القياس النفسي أن يلتقيا وأن يتعاونا([4]).

ويمكن القول، أن المنهج العيادي هو أفضل طريقة لفهم وتأويل شخصية الفرد من حيث هو «كائن عياني مشتبك في موقفه».

فالسيكولوجيا العيادية لا تكتفي بمراقبة السلوك، والكشف عن مواقف وأوضاع الفرد تجاه المشكلة نحسب، بل في البحث عن أساس هذا الموقف والصراع الذي أدى إليه، ومن ثم الإجراءات التي تهدف الى حل هذا الصراع، من أجل إعادة التوازن النفسي والتوافق الشخصي والاجتماعي للفرد. ومن هنا كان المنهج العيادي يعني الدراسة المعمقة للحالات الفردية.

هذه الرؤية الدينامية للسلوك واضطراباته تنطلق مباشرة من التحليل النفسي، أي من تقنية عيادية، وتقنية التحليل النفسي تمتاز بعمقها وبوعيها لذاتها.

وإذا كان المنهج العيادي هو الدراسة المعمقة للحالات الفردية، فالتحليل النفسي يعتبر العيادي ممتازاً ([5]).

 

هوامش مرجعيّة:

(1) لويس مليكه. علم النفس الإكلينيكي - الجزء الأول - الهيئة المصرية العامة - القاهرة ۱۹۷۷ - ص۲۱۱ - ۲۱۲

(2). Albon Questionnaires Psychologies Ed . PU, F , Paris1973

(*) Angieu D, - Les Methodes Projective - Ed. P.U,F .

(3) سید محمد غنيم . هدی برادي - الاختبارات الإسقاطية - دار النهضة العربية - القاهرة - ۱۹۸۰ . ص ۳.

(4) فالادون س. نظريات الشخصية - ترجمة على المصري - المؤسسة الجامعية للدراسات - بيروت ۱۹۹۰ - ص – 85 – 86.

Lagnohe D-L'Unité de la Psychologie : Ed. P.U.F, Paris 1979 .p, 37 - 44(*).

(5). Psychanalyse - Ed . P . U . F . Paris 19 / 9 - P . 8S